الثامن والعشرون

14.2K 422 13
                                    

الفصل (28)
بعنوان"زيارة خاصة"

الان .. الساعة التاسعة مساءا بتوقيت القاهرة

وقفت السيارة امام تلك البناية الراقية وهبط منها يوسف بملامح غير سابقتها فبعد ذلك اللقاء الذي قضاء مع والدته يستطيع ان يعترف انه عاد طفلا في التاسعة
ساعات وساعات وهو يحتضنها يخبرها بحبه
وحنينه البالغ يخبرها بآلامه وسط دموعها الغزيرة واعتذاراتها المتكررة له
توجه بخطواته نحو مدخل البناية ومن ثم صعد علي الفور حيث الطابق الثالث حيث عيادة الطبيبة جيهان توفيق

كانت العيادة فارغة من المرضي يبدو انه كان الكشف الاخير
توجه للسكرتيرة التي ما ان راته حتي توترت ملامحها ولكن رغم ذلك تحدثت:-
_اتفضل يايوسف بيه الدكتورة جيهان منتظرة حضرتك من بدري
اؤما بحسنا لتقف هي وتسير بأتجاه غرفة الطبيبة وهو يتبعها بعيون تبدلت في الحال عندما دخل الي تلك العيادة
حيث اصبحت .. غامقة .. مظلمة .. لا تبث بالقلب سوي الخوف
لا يطيق ان يبقي كـ يوسف لـ دقائق كثيرة
فهو يحب ان يبقي وحش دوما وابدا
طرقت السكرتيرة الباب ودخلت ودخل هو خلفها ليجد الطبيبة تجلس علي ذلك المكتب الانيق ذو اللون الرمادي وبه نقوش زهرية
جال ببصره في انحاء الغرفة
كل ما بها مريح ومهدء للاعصاب حتي تلك الاريكة التي تعرف "بالشاذلونج" كان لونها وردي لطيف
كل ما بها توحي بأن تلك الغرفة خاصة بــ المرضي النفسييين
وان تلك الطبيبة طبيبة امراض نفسية
طبيبة مجانين كما هو مشهور في شوارع مصر وضواحيها
غادرت السكرتيرة علي الفور بينما وقفت السيدة جيهان امامه ومدت يدها وهي تبتسم برقة وتهتف:-
_اهلا يوسف بية نورت العيادة كلها يافندم
مد يده وسلم عليها وهو يتفحصها بعيون باردة
عمرها ربما في بداية الثلاثينات امرأة شرقية بكل ما تحمله الكلمة من معني بشرتها قمحوية بسة بها لمحة ناعمة وشعرها اسود يتخلله بعض اللون البني كما هو معتاد ليس حريريا وليس مموجا
عيونها بنية واسعة وربما هذا ما يميزها
ربما تنال علي اعجاب اي حد غيره لكن هو .... لا
فهناك من يملكه ويصك ملكيته عليه بـ قوة

تنحنحت وهي تبعد يدها من يده ليفوق من شروده وتظهر ملامح الجمود علي وجهه وهو يجلس علي المقعد امامها دون ان ينتظر حديثها حتي
نظرت له برفعه حاجب ولكن لم تعلق وجلست هي الاخري علي مقعدها
ساد الصمت دقيقة بينهم ثم اثنان .. ثم ثلاثة
حتي هتفت هي بهدوء:-
_تحب تشرب اية ؟
قال بنبرة ثابته:-
_قهوة سادة
امسكت سماعة الهاتف وطلبت رقم السكرتيرة وعندما جاءها الرد هتفت:-
_اتنين ليمون لو سمحتي ياعلا
قالتها وهي تنظر له ببسمة سمجة ونظرات متحدية
ولم يكن واحد مثله ليصمت علي هذا
سحب منها الهاتف في حركة سريعة وهو يهتف بنبرة امره لـ علا:-
_واحد قهوة سادة وواحد ليمون
لترد علا من الطرف الاخر بتوتر:-
_حاضر يافندم
واغلق الهاتف ووضعه امامها وهو يهتف بنبرة حادة:-
_مبحبش حد يدخل في اي حاجة خاصة بيا او يمشيني علي مزاجه
لا تنكر انها شعرت بالخوف بداخلها من حديثه ومن رد فعله ولكنها التزمت الصمت .. فهو في تلك الحالة يبدو مهيب ،، مخيف ،، جذاب

طرقت علا علي الباب ودخلت ومعها طلباتهم ووضعتها امامهم ثم غادرت
امسك فنجانه وارتشف منه اول رشفة ثم قال:-
_تحبي ابدا من الاول خالص ولا من اول ما اتجوزت
قالت هي بتساءل:-
_انت عايز اية
تنهد وهو يجيب:-
_عايز لما مراتي ترجع اعرف اتعامل معاها ومع ابني

رواية " دمية بين براثن الوحش " بقلم .. زينب سميرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن