السادس

19.2K 483 8
                                    

الفصــ(٦)ــــــــل
بعنوان "عودة لـعصمته !!"

لو سقطت سمائي علي ارضي وارتفعت مرة أخري لصدقت ذلك لكن أن تحن انت هذا ما لا يمكنني أن أصدقه .. عزيزي انت ليس بإنسان كالبقيه
انت وحش حتي لو لم تدري انت ذلك ... أتدري شيئا أنا أخشي تلك اللحظات التي أكون فيها بقربك ، أنا أخشي الاستماع لصوتك حتي .. انت تبعد عن الطيبة بمسافات لا يمكنني أن احسبها بالسنة الضوئية حتي !!

لقد سيطر علي عقلها الغباء الان وهي تنظر له كـ بلهاء بعد كلماته تلك .. أجن ام هي التي اجنت رمشت عدة مرات لتستوعب الأمر لعلها نائمة وهذا حلم لكن بالحقيقة هي في أرض الواقع ومن أمامها يوسف ... زوجها سابقا
بينما هو كان يناظرها بهدوء وهو يضع يديه بجيب بنطاله لولا أنه يعلم ما عانته علي يده وأنها لها الحق بالخوف والتعجب لـ كان تعجب من رد فعلها ذلك
لكن الوقت يجري ووقته هو كنز يجب إلا يستغرقه في الـلا شئ
لذلك هتف بجدية مبطنة بتهديد لا يلاحظ:-
_مفيش سفر علشان صحة البيبي
فتحت عيونها بصدمة .. أيقرأ أفكارهم هي وندي ؟!
اكمل هو:-
_في طقم طبي هيكون معاكي في البيت طول فترة الحمل
لا داعي لذلك .. هذا ما جال بخاطرها وقبل أن تهتف بذلك رفع هو إصبعه علامه علي السكوت وكأنه فهم ما ستتفوه به وأكمل بنبرة ربما تشوبها بعض الحدة:-
_دا أبن يوسف الراوي يعني لازم دايما يبقي بخير

أجن ؟ هو بالفعل جن .. عزيزي هذا عبارة عن قطعة من الدماء الان .. لا داعي لكل هذا !!

خرج صوتها بتوتر:-
_طيــب بـعــد الــولادة
قاطعها هاتفا:-
_هيعيش معايا .. في قصر الراوي
كأنه يفهمها .. يحفظها .. يدري ما ستقوله قبل أن تتفوه به حتي !
بعد رده تجمعت الدموع بعيونها وقالت ببكاء:-
_يعني هتحرمني منه يايـوسـف
رد بأختصار:-
_لا .. ابني هيعيش في بيته من اول ما يتولد ، بيت ابوه .. لكن في أي وقت عايزه تزوريه البيت مفتوح ياليــن
اومأت بالنفي وهي تهتف بدموع:-
_هو هيكون محتاجني يايوسف .. لازم يعيش معايا علي الاقل سنتين
والان ماذا .. اتري شرارات الغضب بعيونه ام تتخيل ذلك .. سيتحول الان ، سيتملكه الغضب الان ، يمكنه أن يتهور إذن في أي لحظة
لكن هو جمع كل غضبه في تلك الجملة التي أخرجها ببرود:-
_عايزاني اردك لعصمتي ؟
انفزعت من حديثه .. كلا ليس هذا ما تريده ابدا
ابتسم بسخرية من رد فعلها وملامحها تلك التي شحب لونها وهتف منهيا الحديث:-
_فترة الحمل لسة طويلة وهتقضيها في بيتك .. طول الفترة دي فكري انتي عايزة أية .. ولو مش عايزاه خالص بعد الولادة ميهمنيش ، أنا هقدر اخليه ينساكي ولا يهتم بوجودك حتي
القسوة تغلف حديثه حتي لو اعترض ذلك الحديث أوامر القلب
بعد تلك الكلمات القاسية التي هتفها تحولت ملامحه لآخره باردة ورجع الي طبيعته الغريبة ورمقها بنظراته التي لا تفهما ثم غادر دون حدث اخر
لتتنهد وهي تستلقي علي الفراش بأرهاق ، حديثه الاخير هذا أصابها بالرعب ، تعود إليه مرة أخري ! تعود إلي جحيمه .. تعود إلي ما كانت تحارب للابتعاد عنه منذ سنوات وسنوات .. أجنت هي لكي تعود لعصمته مرة أخري  !!
يوسف .. عزيزي انت لا تعلم انك اشبه بوحش مفترس من يعاشره يخشي الاقتراب منه بعد الابتعاد عنه .. انت كـ جهنم وعند البعد عنك يشعر الإنسان أنه دخل الجنة حتي لو كان يسير علي اشواك قارسة في بعدك
عودة الي عصمته هو آخر حل ستفكر به في حياتها كلها..
______★______★______★______★_______
كم أن الليل قاسي عندما يكون الإنسان وحيدا .. كم يكون التفكير في الماضي مؤلما ومرعب .. قاسيا لحد قاتل ، يكاد التفكير يذهب بعقلك الي الجنون تكاد تصاب خلايا العقل بنكسة ..
نظرت للاعلي بدموع تتأمل نجوم السماء بحزن ، جلوسها مع لين كان يخفف عنها .. يبعد التفكير الدائم عن عقلها كانت تتناسي مشاكلها وهي مع لين
لكن لين اليوم بالمستشفي وحيدة مع أحزانها .. وهي هنا وحيدة مع أحزانها
تكرهه هي .. تكره حبها له وتعلقها به .. تكره الصدفة التي جمعتها به .. تكرهه حتي باتت تكره كل ما جمع بينهم .. كانت متمسكة به لـم تكن لتتركه ولو مرت السنوات لكنه هو من تخلي .. هو من ابعتد عنها هو من حطمها ، أنه قاسي .. قاسي معها وفقط
لما حظها هو وصديقتها يقع دوما مع القاسيين
نعم هو ليس قاسي كـ يوسف
لكنه ايضا يحمل من القسوة الكثير ..
تنهدت وهي تقف وتتجه للداخل تاركه تلك السماء بنجومها قاصدة غرفة النوم لعلها تنام قليلا وترتاح من مرض التفكير
نعم التفكير مرض .. من يصاب به لا يشفي منه ابدا .. ويظل ابد الدهر لا يفعل شيئا سوي التفكير فيما يحزنه ويتعبه..
______★______★______★______★_______
فتح باسم عينيه بأرهاق من ساعة تقريبا وكان لهذا الحدث مفعولا سحريا علي والدته التي كادت الفرحة تصيبها بصدمة .. كان صامتا منذ أن فتحت عينيه يتذكر كل ماحدث بعدما تركه الطبيب المعالج بعدما اطمئن عليه
يتذكر وهو عائد الي منزله وتلك السيارة التي وقفت أمامه وأخذته ، حاول أن يقاوم لكنه فشل ، تذكر كل ما حدث له ، والضرب الذي تعرض له أيضا ، عظامه كادت أن تكسر أو ربما بالفعل انكسرت ، حاول المقاومة وحاول المكافحة لكنه لم يستطيع ، كان من كلامهم له يفسر لما هو هنا
علم من حديثهم أن رقصته تلك مع اميرة البالية هي السبب
بالحقيقة لم يكن ليندم فهي رقصة حلم بها طويلا ، لطالما تنمي أن يراقص أحدا مشهورا وهي كانت تلك التي تمناها ، لم يكن ليتوقع أن يفعل به طليقها هذا ، نعم هو لم يندم لانه سيربح بعد هذة الرقصة العديد من الفرص لكن هناك إهانة تعرض لها في داخله ، هناك من أثبت أنه اقوي منه ، من هو ليتساوي بيوسف ، من هو ليتساوي بأحدا من أغنياء البلد ، حتي لو لم يكن من الأغنياء
هل قوته الجسدية كـ قوة يوسف
يوسف الذي يرفض أن يمشي بحراسة رغم التهديدات التي تلاحق حياته في كل لحظة والموت القريب منه دوما بسبب مكانته ، هو يجعل حراسة علي كل شئ يملكه ولكن لا توجد حراسة لحراسته
هذا ما أثار بنفسه الحزن ، لم يكن يوما من الأشخاص التي تحارب لأن تكون غنية لكنه يحارب وسيحارب وحارب من أجل أن يحيا في كرامة
والان تهشمت كرامته من وجه نظره
كانت الأم تنظر لولدها وتري تلك التفاعلات التي تصابه بحزن ، تشعر بالحيرة التي داخله لكن ليس باليد حيلة .. وضعت يدها علي كتفه محاولة التخفيف عنه ولم تستطيع حتي أن تتحدث بالكلمات
امـا هي .. شقيقته ، كانت تنظر للفراغ بأحلام بعيدة وبسمة بلهاء علي شفتيها ، تتخيل انها معه أو أنه يلقن أحدهم درسا لأنه اقترب منها ، كما فعل بالضبط مع باسم لاقترابه من لين
بالطبع من سيلقنه تلك المرة درسا لن يكون أخيها بل أحدا اخر .. من هو لا تعرف ، لكن ربما تعرفه ذات يوم ، الان المهم فقط أن تحصل علي يوسف
أجنت هي .. أينظر هو لطفلة ، أحلامها أوسع من الخيال ، أيقترب من فتاة أصابها ربما ماس كهربائي وهي صغيرة جعلها تفكر بتلك الطريقة العجيبة ؟!
______★______★______★______★_______
دخلت ندي للغرفة والبسمة علي وجهها لتجد لين مازالت نائمة رغم أن الساعة وصلت العاشرة صباحا ضيقت ما بين حاجبيها بتعجب فـ لين دوما ما تستيقظ مبكرا..
توجهت للشرفة التي توجد بالمستشفي وابعدت الستائر عنها ليدخل ضوء الصباح ماليا المكان بدفء تحتاج إليه الكثير من القلوب ، لتفتح لين عيونها بضيق من تلك الأشعة لتتجه نحوها ندي بمرح وهي تقول:-
_لسة نايمة ياكسولة الساعة بقيت عشرة الصبح
اعتدلت في جلستها وهي تقول بصوت ناعس:-
_واللـه !! غريبة محسيتش بنفسي خالص رغم اني نايمة بدري
قالت ندي بتسأل:-
_عملتي أية بعد ماسبتك
تذكرت ما حدث ليلا وحديثها مع يوسف لترد بهدوء ولامبالاة:-
_كنت قاعدة مع يوسف
صرخت بصدمة:-
_نعم ؟! يوسف ، هو لـحق يعرف
تبسمت بسخرية وهي تقول:-
_شكلك لسة معرفتيش مين هو يوسف ياندي
هتفت بخوف:-
_طيب وحصل أية ، قالك أية ؟ عملك حاجة ؟
ردت بهدوء محاولة أن تجعلها تطمئن:-
_معملش حاجة .. اتكلمنا عادي
_يعني حصل أية بالظبط
تنهدت وهي تقص عليها كل ما حدث بينما ندي كانت عيونها تتسع تدريجيا يبدو أنه لا ينوي علي خير ، سيأخذ هذا الطفل سببا لكي يتحكم في حياتها أكثر فأكثر ، هي هنا .. ولين هنا .. ويوسف هناك ، وستدركون جميعا أنها علي حق قريبا..

يتبع..

رواية " دمية بين براثن الوحش " بقلم .. زينب سميرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن