١٧_ سعادة لا تدوم

1.5K 39 8
                                    

تجلس بهدوء تام ، تنظر الى اللا شىء ، سارحة بأفكارها .. لم يتغير شىء منذ رحلت من هذا المكان.. القصر..الحديقة..الاثاث..الحياه..وكأنها تركته بالامس وليس منذ اعوام..
كانت تشعر بأنها ستعود مرة اخرى ولكن لا تعلم كيف..تذكرت كيف كان حالها حين وجدت راهب امامها يخبرها بأنه يريديها ان تعود معه وانهم سيعيشون بالقصر .. تذكرت مدى دهشتها حين اخبرها ان چاسور قد ندم على مافعله وانه ينوى اصلاح ما افسده فى الماضى
ولم تنسى ايضا مدى سعادتها التى لم تستطع السيطرة عليها حين اخبرها بأمر زواج رهف ولين من زين وغسان... مازالت تذكر معالم السعادة والفخر على وجه راهب وهو يقص لها ما فعلته الفتيات مع چاسور وكيف نجحن فى تحويل كل شىء للافضل .

لكن...مهلا...لقد اختفت تلك السعاده وتلك الدهشه ليحل محلها الخوف والقلق فى تلك اللحظة التى وطأت بها قدمها ذلك القصر المشؤم...وبالأخص مكتب ذلك الچاسور ...
كادت ان تصدق كل ماقاله راهب عن ندم چاسور وتغير كل شىء...ليتلاشى كل هذا امام نظرة واحده من چاسور
تذكرت حين دلفت المكتب مع راهب لتجد چاسور بإنتظارهم... لا تنكر ان تلك السنوات قد غيرت الكثير من ملامحه وهيأته...ولكن ظلت تلك النظرة كما هى
تلك النظرة التى تخبئ خلفها الكثير والكثير
علمت ليندا ان چاسور يخطط لشىء ولكن ماهو...وماذا عليها ان تفعل.. لا يمكنها حتى اخبار راهب بالأمر.. الجميع يصدق چاسور..ولما لا يصدقوه..فقد برع كثيرا بالتمثيل امامهم ..والحق يُذكر
انها لم تجد منه ماهو سىء منذ ان اتت ولو ان احدا اخر بمكانها لصدق ما يصدقه الجميع... ولكن كيف لها ان تصدق امام تلك النظرات الماكرة.
****************
صباح يوم جديد  على قصر چاسور
يجلس الجميع فى هدوء يتناولون الفطور ، تغشى السعاده وجوههم تلك السعاده التى ازدادت اضعافها حين اردف چاسور بإبتسامة اعتاد ارتسامها على شفتيه مؤخراً : ها قد اكتملت اسرتى .. لا اريد إلا ان تظل تلك الابتسامه على شفاهكم ..لذا فكرت ملياً وارى انه من الافضل ان نبدأ بتحضير حفل الزفاف من الان .. اود ان تظلوا هنا بجانبى وتظل تلك السعاده تحلق على ذلك القصر.
    
توقف الزمن للحظات عقب تلك الكلمات التى خرجت للتو من فم ذلك الچاسور

أحقا نطق چاسور بتلك الكلمات؟ ام هو مجرد خيال؟ أحقا استسلم چاسور ولم يكن يخطط لشىء اخر؟ أيعقل ان يقدر لتلك الامنيه ان تتحقق الان بعد تلك السنوات؟ ....
الكثير والكثير من الاسئلة التى دارت بعقل ليندا عقب حديث چاسور ، لم تستفيق الا على شعورها بأحفادها وهم يعانقونها بسعاده بالغه بعد ان قاموا بتقبيل يد چاسور وعناق كل من راغب وراهب ...
ابتسمت بصعوبه بالغه وهى غارقه فى افكارها تحاول بشتى الطرق ان تقنع عقلها بصدق چاسور واستسلامه لحاجته بوجود ابنائه واحفاده بجانبه .
حتى نجحت اخيرا فى إسكات ذلك الصوت بداخلها عقب تحديد چاسور لموعد الزفاف وتكليف الخدم ببدايه التجهيز للحفل

        ****************        

تمر الايام فى سعادة لتثبت للجميع صدق چاسور ورغبته فى تحقيق سعاده احفاده فها هو يوم الزفاف .. جميع من فى القصر يستعد لذلك اليوم الذى يُعد له القصر منذ اسبوع والذى انفق على اعداده مبالغ عظيمة ها هو يوم زفاف زين ورهف وغسان ولين .

الساعة الثامنه مساءً ...امتلئ القصر بالمعازيم يتحدثون فى هدوء فى جو بسيط تملئه الموسيقى الهادئه ، وراغب وراهب ينتقلون بين الحضور يرحبون بقدومهم ...وچاسور يجلس فى احد اركان القصر يتابع ادق التفاصيل فى ذلك الحفل .. وتجلس ليندا فى ركن اخر من اركان القصر تتبادل الحديث مع الحضور...
قطع حديث الجميع ظهور زين وغسان فى غاية الاناقة اعلى الدرج لتتجه لهم انظار الجميع وهم يهبطون للاسفل والابتسامه لا تفارق وجههما ليبتسم الجميع رغما عنهم لتلك الابتسامه
تقدم راغب وراهب ليعانقانهما فى حين تقدمت مايا وهى تهتف بسعاده: انتم هنا تتبادلون العناق واميرات الحفل ينتظرن بالاعلى.
زين : هل انتهين؟
مايا: اجل منذ فتره.. وهم الان بالاعلى ينتظرن قدوم ابى ليأخذهما للأسفل .
راهب: اجل اجل...انا ذاهب.

صعد راهب الدرج وسط انظار الجميع ليحضر الفتاتين بينما وقف زين وغسان كل منهما على جهه من اسفل الدرج ينتظرون نزولهما حتى يتسلمهن.

فى الاعلى....
طرق راهب الباب بخفه ثم تقدم للداخل ليتفاجئ بوجود الغرفه خالية ليهتف عده مرات بأسمهما ولا احد يجيب.. خرج راهب الى الغرف المجاوره عسى ان يكونا فى غرفه اخرى لكن لا يوجد احد ...
وقف الجميع بالاسفل ينتظر راهب والفتاتين ليطل راهب وحده من اعلى الدرج وهو يهتف : مايا..ميرا .. اين رهف ولين
مايا : فى غرفتيهما .
راهب بحده: مايا انا اعلم مزاحكم جيدا لكن لا يحق لكم المزاح بتلك الطريقه فى مثل تلك المواقف.
زين بدهشه: ماذا يحدث؟
راهب: الفتيات يصطنعن مزحه كعادتهم
ويخفيان رهف ولين لنبحث عنهم
ميرا بجديه: ابى لما كل هذا.. اقسم لك اننا لا نعلم عن اى مزاح تتحدث لقد تركنا رهف ولين فى الغرفه منذ فتره
مايا: ماذا يحدث ابى .. لما قد نمزح بتلك الطريقة ؟ اين رهف ولين؟

بدأ القلق حقاً يتسرب الى نفس راهب وهو يستشف الصدق من حديث مايا وميرا وانهم لا يعلمون شيئاً ... اما عن زين وغسان فكانوا فى صدمه حقيقيه مما يحدث حولهم وهم لا يفهمون ما يدور بالقصر الا نطق راهب بتلك الكلمات: ابحثوا عن رهف ولين بكل ارجاء القصر
عندها تحرك الجميع فى ارجاء القصر وخارج القصر يبحثون عنهم بما فيهم زين وغسان ومايا وميرا وراغب وراهب لتنتشر الفوضى سريعا فى القصر ويتحول الهدوء والسعاده الى الضجيج والقلق ...
كل هذا يحدث تحت انظار تلك التى ترى كل شىء من بعيد وقد عجزت قدماها على النهوض عن ذلك الكرسى الذى تجلس عليه وعجز  لسانها عن التحرك او التعبير عن ماتشعر به الان من الآم تعتصر صدرها وهى ترى جميع مخاوفها التى كانت تخشاها منذ اتت الى هنا وهى تتجسد امامها فى صورة شبح مخيف تعلم هى جيداً الى اين سينتهى وتخاف كل الخوف ان تلتقى بتلك النهايه..

على الجانب الاخر يجلس چاسور يتابع حالتها بإبتسامه ماكره وهو يعلم مقدار الخوف الذى تمكن منها الان... يقسم لها فى نفسه ان يُزيقها العذاب الواناً وان ينهى كل شىء قد بدأته هى ..

ظل غارقاً فى تلك الافكار التى تنبع بالحقد والكره غافلا عما تسبب به من حزن وقلق وخوف لكل من ابنائه واحفاده ... فها هو كالعادة قدم لهم السعادة الخاصة بذلك القصر المشئوم  تلك السعادة التى لا تدوم.

احفاد چاسورحيث تعيش القصص. اكتشف الآن