أستطيع رؤيتكِ من هنا تلمعين في وسط السماء،تنيرين عتمة الظلام و تبعثين في نفوس النّاظرين راحةً لا مثيل لها.
أستطيع رؤيتكِ نجمةً لامعةً برّاقةً لا تظهر إلّا في أشدِّ الأوقات حلكةً.
أستطيع رؤيتكِ و أعلم بل أوقن أنكِ تستطيعين ذلك أيضاً.
أردتُ تأمّلكِ لمدّةٍ أطول و لكن دموعي أبت التوقّف و الصّورة أضحت مشوّشة.
لطالما أخبرتني أنَّ الفراق مؤلم و لتجنّب ذلك الألم الموجع بإمكاني تخيّل من فارقني نجمة.
و ها أنا اليوم أتخيّلكِ أجمل نجمة مضيئة،و لوهلة شعرتُ بالغيرة من السماء،فلمَ قد تنعم هي بوجودك بينما أنا هنا أكادُ أتمزَّقُ وجعاً؟
الحياة ليست عادلة و أنا أدرك ذلك حتماً،و لكن أليس ذلك كثيراً عليَّ؟أليس ذهابك قاسياً قليلاً؟
أنتِ كنتِ تدركين تماماً أنني بحاجتك و مع ذلك تركتني و استسلمتِ بتلك السهولة،تركتني وحدي لأواجه جميع تلك الوجوه المُشفقة و أنتِ كنتِ تعلمين انني اكره الشفقة و مع ذلك رحلتِ.
كنتُ قويّةً كما و عدتكِ و لكن قناع القوة المزيّف كان و ما زال يتهشّم في كل ليلة أقضيها وحيدة، تماماً كما اليوم.
ابتسمتُ و ضحكتُ و لكن صدّقيني حين أقول أنَّ كل ذلك كان مؤلماً و الأكثر إيلاماً تظاهري أنّي بخير رغم تحطُّمي.
اعتنيتُ بالجميع بعد رحيلكِ و داويتُ جراحَهم فرداً فرداً،ولكن لم يهتم احد لجراحي النّازفة. أنا ما زلتُ أنزفُ منذ تلك الليلة التي صعِدت فيها روحكِ إلى السماء. ما زلتّ آملُ أنَّ كلَّ ذلك كابوسٌ.
ولكن على من أكذِب؟!
لو كان ذلك كابوساً لاستيقظتُ منه بعد صفعة أبي و هو ينهرني قائلاً أنَّ الحياة ستستمر رغم موتكِ،و كم رغبتُ حينها أن أُخبِرَهُ أنَّ حياتي متّصلة بحياتك و موتكِ يعني موتي. و لكنني فضّلتُ الصمت لأنَّكِ لطالما أخبرتني أنَّ مشاجراتي مع أبي ترهقكِ،فضّلتُ الصمت من أجلكِ يا أمّي. ألن تبتسمي تلك الابتسامة الفخورة ككل مرّة و تخبريني أنني ابنتك المرضِيَّة؟
اشتقتُ لك يا أمّي و اعلمي أنَّ ذكراكِ خالدة في روحي.
ارقدي بسلام...
أنت تقرأ
فتاةُ الحديد
Non-Fictionالصورة المثالية التي لطالما رسمتها للعالم لم تكن أكثر من مجرّد خيال عابر...