في طفولتنا،اعتدنا على توقّع الأفضل من الأحداث السيّئة،حيث أنّنا-كأطفالٍ متعلّقين بقصص ديزني-كنّا نتوقّع الاستيقاظ على قبلة صادقة بعد سبات عميق،نتوقّع حضور حفل سيغيّر مجرى حياتنا بعد ظلم زوجة أبانا،نتوقّع تحوّل الوحش إلى أمير وسيم...كنّا نؤمن بذلك أمّا اليوم فنحن نأمل ذلك...
خوضنا في لعبة الحياة حوّلنا إلى لاعبين ماهرين يدركون أنَّ الهدف الأوحد لهذه المهزلة هو النّجاة،لا قواعد و لا ممنوعات،الخاسر إنّما هو خاسرٌ لحياته،و أمّا الرّابح فهو يحيا بلا قلب،بلا ضمير،هو فقط يتابع الحياة إلى أن يدرك أنّه بالفعل خسر كل شيء في سبيل انتصارٍ خاسر...
لم نعُد أولئك الأطفال الذين يلجأون إلى حضن أمّهاتهم عند الخوف لأننا ندرك الآن أنَّ لا بقاء للجبناء،لم نعُد أولئك الأطفال الذين يبكون عندما يحلمون بكابوسٍ مزعجٍ لأنَّ واقعنا أضحى أسوأ من الكوابيس بالفعل،لم نعُد أولئك الأطفال الذين يندمون عندما يتفوّهون بكذبة بيضاء فلأكاذيب أضحت لغتنا الوحيدة الآن...نحنُ ببساطة جُرِّدنا من مصطلح الطفولة،انتُشِلنا من مدينة الألعاب و تمَّ تحويلنا بنجاح إلى بالغين خبيثين ماكرين مرتكبين لأفظع الأفعال تحت قناع قوّة مزيّفة هشّة تخدع الأنظار.
كبرنا حقّاً و أدركنا أنَّ قصص ديزني كانت مجرّد كذبات تافهة ساذجة لا تمت للواقع بصلة،كبرنا للدرجة التي تسمح لنا بتوقّع الأسوأ بعد السيّء،كبرنا و أيقنّا أنَّ النّهاية السعيدة التي لطالما شاهدناها كانت مجرّد لحظات مقتطعة من أحزانٍ جمّة.
كبرتُ أيّتها الحياة و أدركتُ أنه إمّا والديكِ أخطأوا عندما أطلقوا عليكِ اسم حياة،أو أنّنا من أخطأنا عندما فسّرنا معنى الحياة...

أنت تقرأ
فتاةُ الحديد
Sachbücherالصورة المثالية التي لطالما رسمتها للعالم لم تكن أكثر من مجرّد خيال عابر...