(الوردة الذابلة)

620 18 3
                                    

في منزل كبير كانت أشعة الشمس تتسلل من بين الشجيرات والورود والنوافذ واخذت تداعب الفتى الذي يبلغ من العمر تقريباً سبعة عشر عاماً النائم في سريره استيقظ من نومه وفتح دولابه واخذ بنطال اسود وقميص صوفي ذا لون اخظر غامق بأكمام طويلة وذهب للحمام وصوت الماء وهو يستحم..خرج منه بعد ان استحم وجفف شعره بمنشفته البيضاء وفتح النافذة واستنشق هواء أرضه واغمض عيناه ودخل في تفكير عميق لم يكن يفكر بشيء واحد كان يفكر بأشياء عِدة يصعب على عقله استيعابها دفعه واحده فتح عينيه ليرى الطير من الشجرة التي بداخل الحديقة الخلفية ويرى الورود تحته فينزل من الدرجات ليصادف امامه فتاً آخر يكبر الفتى بقليل كان يصعد الدرج وينظر إليه قائلاً:
-استيقظت اخيراً ايها الكسول اليتيم ابي يريدك في مكتبه..!
تجاهله الفتى ونزل من الدرج وكأنه لم يقل شيئا بينما الذي خلفه غاضب بشدة يقول بصوت يكاد يسمع:
-تبا لذلك اليتيم سأريه ماذا سأفعل..!
نزل الفتى اليتيم ومن بين ممرات عدة وصل لباب طرقه طرقتان فجآءه الإذن بالدخول ودخل الفتى ووجدت امامه الرجل الذي كان غارقاً بأعماله وحين رأى وجه الفتى تركها جانبا ونظر إليه واشار اليه بالجلوس تقدم الفتى وجلس على احدى الكرسيان الذان يكمنان امام المكتب الكبير فقال الرجل:
-ويل لماذا لم تستيقظ باكراً انت تعلم بأنك يجب ان تنظف الإسطبل!
قال ويل بكل برود وكأن الكلام لا يهمه:
-اجل اعلم..
فقال الرجل بعد ان ظرب مكتبه بقبضه يديه بعصبية:
-وبما انك تعلم لماذا لم تستيقظ؟
نظر ويل ليد للرجل ببروده ذاته وقال:
-انظر لأبنائك ثم انظر إليّ..اتعلم متى يستيقضون ومتى ينامون؟
قال الرجل:
-وما شأنك بأولادي كيفين استيقظ باكراً!
فقال ويل رافعا حاجبيه:
-اجل استغربت عندما قابلته في الدرج..!
ضرب الرجل على الطاولة وقال بصوت هادئ يقصد به ان يثير غضب ويل:
-انت تعلم انك يتيم وانني المسؤول عنك بعد وفاة اخي انت مسكين يا ويل لا تستطيع ان ترفض ما أطلبه منك هيا اذهب ونظف الإصطبل جيداً فلا اريد من أولادي ان يكونوا منظفين احصنة..انت تدين لي بالكثير.!
قال ويل وقد وقف على قدميه بسرعة ونظر لعمه بحقد:
-اتعلم..انا لا ادين لك بشيء سوا انك تأخذ نقود والدي التي هي حق لي!
العم وهو غاضب من كلام ويل الذي ذهب دون ان ينطق بكلمه اخرى..
خرج لخارج المنزل بعد ان مر على المطبخ ليصنع قهوة ويشربها في البستان الجميل المليء بالورود..جلس ليرى بستان الورود من قرب فوقعت عيناه على وردة كانت منحنيه حمراء ذابلة..اخذها بيديه وحاول ان يوقفها لكنها تسقط كانت نظراته خالية من المشاعر لكنها داخل تفكير عميق..ينظر للوردة الذابلة ويفكر بتلك الوردة يفكر بعمق..فقال بصوت يكاد يسمع:
-هذه الوردة الحمراء الذابلة..مثل امي..مهما سقيتها وناديتها يا ابي..لن تعود متفتحه!
..
وهو يتمشى في انحاء الحديقة ويحسي قهوته رآه من النافذة ابن عمه كيفين وقال بصوت واطي:
-سأريك ايها المعفل اليتيم سأريك مالا يعجبك!
نزل كيفين من الدرج بسرعة متجهاً الى مكتب ابيه!
..
يمشي وهو يحتسي قهوته ولم يعلم مالذي يخطط له كيفين وهو يتجول رأى في النافذة فتاة تتأمل العصافير وهي تطير وعندما رأته لوحت بيدها له فأبتسم لها واشرت له بأن يأتي فسمع كلامها وذهب إليها..صعد الدرجات الى ان وصل إلى بابها طرقه ثم دخل ونظر اليها وهي جالسه على سريرها اغلق الباب وجلس على كرسيها وقال:
-كيف حالك اليوم جوليا؟
نظرت اليه جوليا التي كانت ملامحها هادئة وراحت تأشر بيديها على انها بخير بأن رفعت ابهامها..فقال لها:
-جيد..سمعت من جون انك استطعتي الكلام اهاذا صحيح؟
اشارت بإجابه الرفض..فقال:
-كذب إذا..انه لعين..اعلم انه اخوك لكنه لعين!
اومأت برأسها واخذت قلمها ودفترها وكتبت:
-صحيح ان جون وكيفين يزعجانك لكني اتأسف بالنيابة عنهما..كيف حالك ويل؟
اخذ القلم من يديها والدفتر وكتب:
-لا بأس..بخير..
فكتبت وهي مبتسمة:
-اشعر بالملل..ايمكننا ان نخرج معاً؟
كتب:
-لا أمانع..ألستي متعبه؟
اجابت برأسها علامة الرفض..فأشار بأن تأتي.. وها هي تأتي وبيديها دفترها بقميص نومها الأبيض الذي يصل لركبتيها واكمام طويلة اخذت معها معطف لحمي وخرجت مع ويل..
..
في الحديقة..بينما جوليا تنظر للزهور الخلابة والمتفتحة..كان ويل ينظر لتلك الوردة الذابلة وجوليا قد لاحظت ذلك وقالت له بعد ان اقتربت منه وكتبت بكتابها:
-لماذا تحدق بتلك الوردة الذابلة؟
قرأ ما كتبت وقال بلسانه وهو يتأمل الوردة:
-ان تلك الوردة ماتت..ولن نستطيع مساعدتها فات الأوان..بقية الورد لازال حيا..لكنها من بينهم ماتت رغم المعاملة التي يعاملها المزارع!
كان بكلامه يقصد والده الذي يعامل امه وكأنها اغلى ما يملك ولكنها في نهاية المطاف رحلت في سن باكرة..
..
خرج العم وبجانبه كيفين مسرعين الى الخارج وعمه ينطق:
-اين ذلك اللعين؟
قال كيفين:
-كان يتجول هنا قبل قليل؟
عمه بنبره غاضبة:
-سأريه كيف اجعله يتجاهل كلامي!
كيفين:
-احسنت ابي!
وها هو كيفين يرا ويل مع جوليا ينظران للورد فقال كيفين:
-ابي انظر قد اخذ جوليا رغم تعبها!
فقال والده:
-ماذا كيف خرجت جوليا دون اذني؟
كيفين:
-لا بد انه قد اجبرها فهي رقيقة وستسمع كلامه!
ذهب الوالد مسرعا الى ويل الذي لاحظ وجود عمه وانظر إليه بنظرات باردة وحاقدة الى ان وصل عمه إليه ودفعه دفعه قوية ادت الى سقوطه ارضاً..وضعت جوليا يدها على فمها ونظر ويل لعمه بحقد وقال:
-ماذا تريد؟
قال عمه:
-لماذا لم تنجز عملك ولماذا اجبرت ابنتي على النزول معك وهي متعبه؟
قال وقد وقف على قدميه وجوليا ساعدته:
-انا لم..
قاطعه عمه قائلاً موجهًا الحروف لأبنته:
-جوليا يابنتي ابتعدي عن هاذا اليتيم..!
نظرت جوليا لوالدها وراحت ترفض ذلك بحركة رأسها فقال والدها:
-انتي رقيقة يا جوليا بالطبع قد اجبرك على النزول والا لما نزلتي دون اذني!
ذهبت ابنته اليه وراحت تمسك يد والدها وتحاول تبرير الموقف لكنها تأبى على ذلك فدفعها والدها الى كيفين وامسك كيفين بها قبل ان تسقط وقال لها:
-جوليا يا اختي هل انتي بخير؟
استقامت جوليا وهي تنظر لويل الذي كان غاضبا وينظر لعمه بكره واضح..فقال عمه له:
-سأريك كيف تعصي اوامري ايها الفتى المسكين..!
دفعه عمه مجددا ولكمه لكمه قوية سقط ويل منها وجوليا تكتب بسرعة ركله والدها على بطنه الى ان فقد القدرة على التنفس لكن لم يعلم به احد وسرعان ما عاد نفسه..وراح يكمل الضرب لولا ان جوليا قد ارته دفترها مكتوب به:
-ارجوك ابي لم يفعل ويل شيئا ارتكه انا نزلت بكامل ارادتي انا من طلب ذلك.
قال والدها:
-انا لا اصدقك يابنتي ولكني سأتركه اليوم اذهب يا كيفين وأعد اختك لغرفتها..
كيفين:
-حسنا..هيا ياجوليا..
جوليا لم تكن راضية وارادت التأسف من ويل لكنها لم تستطع..
ذهب كيفين واخته..فقال عمه له وويل جالس ويده على بطنه واخرى على الارض يعتنز بها:
-هيا انهض ونضف الأحصنة!
فقال ويل وهو ينظر اليه بغضب:
-اكمل التحقيق!
نظر عمه له بإستغراب وقال:
-اي تحقيق..اتقصد جوليا؟
قال ويل:
-لا..اقصد تحقيق والداي..اغلقتم القضية وكان من حقي ان اعرف سبب موتهما..انها رصاصة الذي اطلق عليها شخص وليس جماداً لماذا طلبت إغلاقها..؟
قال عمه بغضب:
-لست انا من طلب..لكن مر سنتين من التحقيق ولم يجدوا القاتل..فأغلقوها بعد موافقتي..!
قام ويل وذهب دون اي كلمة اخرى بل قطف الوردة الذابلة التي بجانبه وذهب بها يتأملها صامتاً..مظلوماً..مكسوراً..حزيناً..
..
(يتبع)

الممر الأسود..حيث تعيش القصص. اكتشف الآن