(غريب)

204 9 2
                                    

-في ذلك الممر الطويل الأسود..كنت اشعر بأني مكتوم كنت اشعر بأن وجهي غطاه الدم ممّا منعه من التنفس وهما يسحبانني وشعور الأرق غطاني وكأني اشعر بالألم وانا نائم..
ترك قلمه من بين يديه وقد كتب كل تلك الكلمات وقام من مكتبه وفتح نافذته ليتأمل منزل والديه امامه المغلق بشريط اصفر منذ ستة عشر سنة
استلقى على سريره وقد دبر اموره كلها ولم يعد طفلاً يحتاج لعمه او اي من هاذا القبيل
سجل نفسه بمدرسة اخرى..ونقوده ستصله في الصراف القريب من هنا
وها هو يجمع النقود ليشتري سيارة مخصصة له عندما يبلغ العمر المناسب
قام بحركة سريعة للحمام دخله ثم اتجه للمغسلة ليشغل الصمبور الماء ويغطي رأسه بأكمله في الداخل ليرخي ويبرد عقله من التفكير الكثير فهو يعلم ويوقن بأن التفكير الزائد عن حده يؤدي الى الجنون
وعاد ليستلقي في سريره مغمضاً عينيه ويحاول ان ينسى صداعه المرير وما ان حاول ذلك حتى قام لمكتبه واخذ حبه دواء صداع و يبتلعها ليشرب بعدها الماء ويعود جالساً بكرسيّ في شرفته استقر هناك ينظر للمارة ويتجنب النظر لمنزل والداه كي لا يشغله التفكير مجدداً وغداً اول يوم له في مدرسته الجديدة التي لم يكن يبالي بها ولا يفكر بها فمدرسته القديمة كانوا لا يتحدثون معه ويعتبرونه شخصاً عاديّا بل بعضهم يرونه مجرد يتيم ومغفل من الكلام الذي زرعه ابناء عمه عنه
..
كان ويل صبوراً فتحمله لعمه ومقتل والداه دون معرفه القاتل وحده كفيل بأن ينفجر غاضباً لكنه فكر بعقلانيه وانتظر الفرصة المناسبة للهرب وهرب بمساعدة جوليا التي لا ينكر فظلها ولطافتها معه ابداً على عكس افراد عائلتها التي يدللونها كما لو كانت كنزاً بالنسبة اليهم فهو الآن ليس قلقاً عليها من والدها بل قلقاً على نفسيتها وكيف ستكون بعده فقد كان ويل يآنس وحشتها ووحدتها
..
استيقظ صباح اليوم الباكر واكمل روتينه الصباحي اذ يحتسي قهوة من شرفته ويفكر بأشياء عده إلا مدرسته الجديدة فقد كانت آخر ما يفكر به ويل وها هو يقوم من مقامه ليذهب ويبدل ثيابه بعد ان يستحم ليرتدي في هذه الأجواء الباردة معطفاً اسود وبنطال بنّي وقميصاً ابيض بينما يغطي شعره الأسود قبعة رصاصية اللون وينطلق بحقيبته البنيه الى سيارو الأجرة التي طلبها تواً
..
وصل للمدرسة التي كانت بعيدة عن منزله ودخل ولم يكن هناك اي طالب لأن ويل تأخر على المدرسة دخل للداخل ليرى معلماً واقفاً هناك ذهب إليه قائلاً بعينيه الباردتان والحادتان:
-المعذرة..اين الصف الثاني ثانوي؟
نظر المعلم إليه بإبتسامه خوف من نظراته:
-انه..انه في الدور الثالث يابني..اتريد..اتريد اي خدمة؟
كان كلامه متقطعاً قد لاحظه ويل فقال بنظراته الناعسة:
-لا..شكراً
ذهب ويل للدور الثالث ليرى الأبواب ويحاول العثور على صفه (D) الى ان وجده فدخله ليرى ان الطلاب جيمعهم في اماكنهم والمعلم يبدأ بشرح الدرس..وعندما دخل ويل كان الطلاب يتهامسون قائلين:
-هاذا هو الطلاب الجديد..ما رأيك به..انه جميل!
ومن هذه الأقاويل المعتاد على الطلاب الجدد سماعها..فنطق المعلم بإبتسامه وقد ترك قلمه ووضعه على مكتبه وقال:
-مرحباً بك هنا..انت الطالب الجديد مقعدك هناك (اشر على الكرسي اخر الصف) تعال وعرف على نفسك هنا..!
نظر ويل للمعلم بنظرات باردة وغريبة نوعاً ما وقال متجههاً لمقعده آخر الصف:
-افضل بأن ألزم الصمت..
وذهب لكرسيه وجلس عليه والجميع ينظر اليه بنظرات تفحص بينما هو ينظر للملعلم بعد ان اظهر كتابه وراح يسمع الدرس بنظرات خاليه من المشاعر هو لم يفتعل كل تلك النظرات لكن نظراته كانت هكذا بالنسبة للغرباء
..
وبعد ان انتهى الدرس لم يكلمه احد..هو إعتاد على ذلك..خرج المعلم ولم يسلم ويل من نظرات الجميع وتفحصهم له وكلامهم قائلين:
-انه غريب..غريب..غريب..!
..
(يتبع)

الممر الأسود..حيث تعيش القصص. اكتشف الآن