الكأس السابع والثلاثون بعد المائة

662 99 33
                                    

أمي، طفلتكِ أكملت الثامنة عشر، لكنها لم تشعر يومًا بطفولتها، لم تمر من خلال مراحل الحياة كسائر البشر، استيقظت فجأة بالغة، نست كيف تحب الحياة والتفاصيل، استيقظت من حلم صيف قصير أنساها واقعها المرّ، إنه منتصف الليل، وأكملت هي دورة أخرى حول جثتها التي تتعفن عامًا وراء آخر، كيف لم تتحلل جثتها حتّى الآن! إن الحقد تجاه من سلب منها طفولتها لا يختفي، لا يتلاشى، عالقٌ في الجثّة التي أدورُ حولها منذ ولادتي ينتظرُ منّي -أنا الروح- الثأر، لكن طفلتكِ جبانة، جبانة للغاية، فكيف لها حتّى قتل هذا العالم الذي خذلها؟
ترك يدها فجأةً، عاشت وخوف مجهول السبب يأكلُ قلبها، لا يوجد بكتاب حياتها إلا ربع صفحة مكتوبة بالدموع، إلهي، إني أنتظرُ الربيع الدافئ بصبرٍ، لأن هذه الطفلة -ورغم كونها سلبية للغاية- إلا أنها معتادة على الصبر، سأنتظرُ أنا، سأجلسُ بجانب شجرة عمري، وببطءٍ سوف أراقب الأوراق تتساقطُ عامًا وراء آخر، لكن لا بأس، إني أؤمن بأنها ستزهر، سوف يلتئم الجرح، حتّى وإن كانت نهايتي بائسة كبدايتها، فأنا راضية، لأني أعلمُ بأن خيوط الشمس تتخلخل العتمة حتّى في أضيق الأماكن، الغصن المكسور سيحاولُ الإزهار، سيحاولُ حتّى لو انتهى بهِ الأمر حطبًا محتَرِق.

نادي الكؤوس الفارغةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن