الكأس الخامس

2.8K 357 197
                                    

متى يلاحظونك؟ حين تكون على حافة انحدار شاهق تنتظرُ من الرياح أن تدفعكَ ولا تلطّخ يديك، أن تصبح الرياح القاتلة، وأنكَ لست سوى صبي وقف أمام منحدر فقط ليرى السَماء ويبتهج وبداخلهِ الليل والعواصف.

تجهّز حقيبة السفر وبيدكَ جواز سفركَ نحو المجهول، ممزقٌ ودماء أحدهم عانقتهُ.
لقد اكتفيت، لقد تعبت
ستترك هذا العالم وأسرهُ
ستغادر نحوَ اللاشيء وتعيش بجسدٍ جائع يريدُ روحًا ليلتهمها
ثم حين تعلن للجميع أنكَ يئست وأن الشغف سُرِقَ منك تأتيكَ أمواج الحب والنصائح والكلمات التي تمنيت طوال عمرك أن تسمعها
هم يحبونك، هناك من يهتم لأمرك
يخبرك الجميع ألا تغادر، وإنهم يعشقونكَ كثيرًا
تفكّر بسذاجةٍ، تومئ لهم وتفتحُ حقيبة سفرك ثم تعيد مشاعرك إلى الخزانة مجددًا، تمزّق جواز سفرك مرةً ثانية وتبتسمُ لهم. ما إن تعلن عن عودتكَ حتى ترى الرياح تضمّك مجددًا وتذكّرك أنها الوحيدة التي بقيت بجانبك
الجميع غادر، انتهت الحفلة.
لقد غلّفوا قلوبهم بحجّة أنك الآن بخير وأنهم ليسوا بحاجة إلى التظاهر.
تراهم أمام المرآة يقفون
يخلعون أقنعتهم المبتسمة
هم سيحبونك فقط في اللحظة التي ينهار فيها كل شيء، وحين ترمم جزءًا صغيرًا فقط سينسحبون؛ لأنك ابتسمت، وهذا يعني أنك بخير في قاموسهم.

فتعودُ
تطرق برأسك على كتفِ السماء الواسع
وتشعرُ بالطيور تحلّق في عقلك الفارِغ
تحكي إلى الغيوم البيضاء مدى خيبتك
فتسقطُ زخّات المطر؛ لتمسح دموعكَ الحزينة
الحياة
والناسُ
والسماءُ
أستحبكَ فقط إن تظاهرتَ بكونكَ بخير؟

نادي الكؤوس الفارغةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن