[ على خلاف الجميع ، و لأننا لسنا كالجميع... لازالت أجد هدوئي و سكوني في خضم صخبك و ثرثرتك البالية.....]____________________________________
لندن - كانون الأول من العام التاسع عشر بعد الالفين-
تخفّت الشمس خلف الأفق داثرةً معها وهجها البهيج في سماء هذا النهار المتلحف بظلام أواخر العام المعهود ...
كان اليوم لايزال في ساعاته الأولى، صقيع البرودة شديد لدرجة تنخر العظام، سقف السماء لايرى منه سوى بقع الغيوم الموعدة فيما إزدحم الضباب في الجو بكثافة تعمي البصيرة...
لم ينتهك حرمة مشهد الرعب التقليدي ذاك سِوى ضوء نور كشافات سيارة الأجرة، التي هدأ صخب محركها أمام بناية سكنية صغيرة بدا عليها أمارات العيش الليِّن .
ترجّل من سيارة الأجرة بعد محاسبته للسائق و هو يغمغم بالشكر من بين أنفاسه و الشال المحيط بعنقه الذي إمتد ليخفي ذقنه معه ، مَثَلَ يتطلع حوله بهداوة قبل أن ينفث زفيره المحتبس بقفصه و يتقدم دافعًا بوابة المجمّع السكني الحديدية بيده فيما يجر بيده الثانية حقيبة سفره السوداء التي لم تنفك تصدر صوت أثر إحتكاك عجلاتها الدوارة بالأرض الإسمنتية من تحتها.
عبر الرواق الشبه معتم في الساعات الأولى من الصباح، سوى من أنوارٍ متباعدة ليتخذ أول مسالك الدرج الواقع بجانب المصعد الكهربائي كون شقته - الجديدة- تحتل الطابق الأول ...
إنبعث صوت دوران المفتاح بثقب قفل الباب تلته الإنارة... فصوت إرتطام أسفل الحقيبة بالبلاط... فوقع الخطوات الصامتة المتزاوجة و شكشكة المفاتيح لتنتهي تلك السلسلة بسكون لم يدم طويلا أن كسره صوتٌ إنبعث من ذلك الجسد الذي سَكَن فوق أحد كراسي الطاولة المربعة، فتلبسته روح السكينة و تخللت الراحة مخارج كلماته و هو ينبس قبيل أن يريح رأسه إلى الخلف مغمض العينين.
" و أخيرا لندن!... فلننتظر و نرى ما تحمله لكَ المدينة و أيامها سيد بارك ."
_____________________
عَبَر الباب الدوار الخارجي ليجد نفسه في بهو فسيح تخلل بياض جدرانه تفاصيلٌ و نقوشٌ باللون الذهبي أحاطت بالرسوم و اللوحات التعبيرية المتنوعة... عكست لون البلاط الرخامي فأضفت عليه جمالاً رقيقاً لم يزد المكان سوى رقياً...
غير أن ذلك الوافد تابع مسيره قاصداً مكتب الإستقبال بالواجهة
و الذي لم يلبث أن خرجت الحروف متلاحقة من بين شفتيه ما ان توقفت قدماه...
أنت تقرأ
فُتُور وَتِـيـن.
Romantizm« أرقصِ... أرقصِ أيا وتين قلبٍ مسلوب ، فإن تداعت روحك أنا فداءٌ لقلب موصوب.» - بارك جيمين P jm