الفصل الثالث

5.5K 186 3
                                    

اقدار القمر ج ٢ فصل ٣

دون مقدمات لازمة وبلهجة صارمة وحازمة، تحدث سعيد قائلا :
العيال زودوها أوي يانبيل وبصراحة أنا شايف إبني متعذب ومش مستقر في حياته وقعدته في الشقة لوحده مش مريحاني،

انتبه الجميع لحديثه ونظراتهم تخبر بوضوح عن فهمم لما يرنو إليه بقوله، همت عفاف بالحديث لتبدي اعتراضها، فأسكتتها إشارة من يد زوجها ليدع أخاه يكمل فاستطرد الأخير قائلا :
أنا دلوقتي هطلب إيد بنتك لإبني وهخليكم تفكروا بالموضوع يومين وبعد اليومين لو موافقتش هخطبله واحدة تانية.
تنهد نبيل وقال بعد تفكير للحظة:
بصراحة مقدرش أقولك غير معاك حق وأنا عن نفسي موافق عليه وواثق إن قمر بتكابر وتغالط نفسها،
تنحنحت عفاف بحرج لتقول وقد أقنعها حديثه :
وأنا كمان شايفة إن ليك الحق في اللي بتقوله واليومين كتير كمان النهاردة تحسم أمرها وتاخد القرار.
ردت حسناء بتمني :
إن شاء الله توافق وتفرحنا كلنا.
ليردد الجميع الدعاء بنفس الوقت ويلتهي كل منهم بقهوته ودوائر الأفكار تتسع بعقولهم.
*****
للصمت هيبة غريبة، بعض الأحيان يكن الصامت فرحًا للحد الذي لا يريد به إخلال فرحته بشيء من الثرثرة والبعض الآخر يثقله الهم والضيق إلى حد لا يجد به للكلام جدوى فيختار صمتًا يطيلة أو يبتره بمحض إرادته،
_ وصلنا.
بترت الصمت هي بقولها ذلك أما هو إكتفي بإيمائة خفيفة، ترجل من السيارة ودفع أقدامه للسير وقد بدأ يفكر بالعدول عن حبها، ومايشغله حقًا كيف يداوي جرح قلبه.
أخرجته هزات المصعد العنيفة من كبوة فكره ليجد نفسه هائمًا على وجهه جوارها، حتى أنه نسي تمامًا أنه أمام شقة أخته ليتفاجئ برؤيتها تفتح الباب بسعادة كبيرة وترتمي بحضنه،
يحاوطها بذراعيه وكأنه يودعها ويودع معها أحبته بهذا المكان بعد أن أخبره عقله بالسبيل الوحيد للشفاء من نيران قلبه،
أطال بحضنها رغمًا عنه دون شعور أو وعي يستمد من حنانها الأموي جرعة قوة ولو كانت ضئيلة، ارتبكت وشعرت أن أمرًا غاية بالصعوبة أحل به، نظرت خلفه لتجد قمر ووجها مبتسم لا يظهر عليها أي سوء، رفعت وجهها لتطالع وجهه، لتلمح بعينه نظرات شجن ودموع تتجمع بمآقيه، تمزقت بداخلها لألمه الصامت،
بقي مطوقها بذراعيه حتى تنحنح هاني قائلا بمزاحه المعتاد :
لو عجباك نلفها في ورق هدايا وخدها معاك وإنت ماشي.
ابتعد عنها آخيرا ليقول بأسى :
ياريت ينفع، المهم إنت تخلي بالك منها.
سوط من نار ضرب به قلب أخته دون أن يدري، حديثه مرعب و لا تفهم له مغزى، راقبت دخوله البطيء، سلمت على قمر بشيء من الفتور، ربما لأنها قلقة على حال أخيها وربما لتأكدها أنها وراء تحطمه.

تصنعت ملك التعب قليلا، ساعدها شحوب وجهها وطلبت من قمر مباشرة الطعام بالمطبخ، تحت نظرات اللهفة والقلق عليها  من أخيها وزوجها، امتثلت قمر سريعا وذهبت لتجهز ماتبقى،
مالت ملك على أذن أخيها وتساءلت :
مالك ياكريم؟ شكلك مش عاجبني في إيه.
مط شفتيه بضيق وقال :
سيبك مني أنا وقوليلي مالك؟  حسة بإيه أكلم دكتورتك؟
هزت رأسها نافية وقالت :
أنا تمام وكل الأعراض اللي عندي طبيعية الدكتورة مفهماني كل حاجة المهم بس قولي فيك إيه.

أقدار القمر ...للكاتبة مروة امينحيث تعيش القصص. اكتشف الآن