الأخير

8.4K 297 22
                                    

أقدار القمر الأخيرة

غريبة الحياة حقا بها من الألوان ما يكفي وكل  منا يتخير لونه، منا من يحسر نفسه بين القتامة ومنا من يحولها لزهري ويضفي بالقوة على حياته بهجة تنسيه الحزن دومًا،

ملك.. ياملوكة،
استدارت والدموع المحتبسة تجاهد للفرار،
نعم.
مالك ياحبيبتي فيه إيه؟
ارتفعت وتيرة أنفاسها وجدت نفسها تسرع إليه لتلقي بين ذراعيه حزنها؛ تخرج مخزونها لليوم من الدموع، حتى تكتفي تعلم أنه سيهون، وحده من يعرف كيف يفعل،

يرتفع النحيب فيزيد الضمة يشد بها من أزرها، يقترب من أذنها بهمس حنون:
_إهدي حبيبتي عشان خاطري إهدي.
  ظل يربت على ظهرها، برفق حتى توقفت بالتدريج عن البكاء،
تطلع لها محاولا مشاكستها، أنفها الصغير انتفخ باحمرار على طرفه، وانتشرت الحمرة على وجنتيها،
زفر قائلا
يخرب بيت كدا عمري مشفت حد يحلو في كل حاجة قدك تفرحي تحلوي تزعلي تحلوي،
إنتِ هتعملي فيا إيه أكتر من كدا،
شقت البسمة طريقها لوجهها بتروي لتتسع تدريجيا وهو يقترب مقبلًا بهدوء أنفها، تزداد البسمة وهو يتنقل بقبلاته الناعمة على وجهها وبينها يتساءل بوله :
ينفع تزعلي كدا وأنا معاكي؟
تشبثت برقبته تهز رأسها نافية، وبصوت مبحوح قالت:
صعبان عليَّ كريم أوي، لو تعرف هو بيحبها قد إيه مكنتش عملت فيه كدا.

تنهد قائلا :
توليف القلوب من عند ربنا ملهاش ذنب لو محبتوش وبصراحة ياملك إنتِ عاملتيها وحش أوي، لدرجة إنها خرجت ولا إنتِ ولا كريم فكر يروح وراها.

تطلعت له بضيق، يتطاير من عينها شرر يحرق من الغيظ، وقالت :

كريم جاب آخره منها وأنا كان لازم أحسسها إني زعلانة عشان أخويا وبعدين يمشي وراها ليه هي صغيرة؟
قاطعها قائلا :
لا غريبة معاشتش هنا ولا تعرف الشوارع، وجاية مع أخوكي،
تسلل القلق لقلبها ونفضتها مسرعة قائلة :
عادي ياهاني هتاخد تاكسي مش حوار يعني.

***********

متاهة بداخلها ألهتها عن تيهتها بالخارج، لتفتح عينها وتتفاجئ بأنها وحدها، مكان غريب لاتعرفه، لم تخطه قدماها من قبل،
وجوه غريبة، نظرات مريبة، أنفاسها تضطرب، والفزع احتل قلبها،
تبحث عن حقيبتها؛ لتصفعها حقيقة أنها تركتها، ولاتعلم أين وهربت دون تفكير ،
تتابعها نظرات  الناس كأنهم يفهمون انها غريبة، يحملقون بها، والدهشة تتملكهم، مظهرها وملابسها وشعرها المنسدل، عيونها الملونة وبشرتها البيضاء، تبدو للعيان كسائحة غربية، أو ممثلة من أفلام هوليود.

كعادتها المترددة دوما لاتعرف ماتفعل،
تتقدم وتطلب مساعدة، أم تهرب فورا من هذا المكان؛ أملا في الوصول لمبتغاها، الرعب يحكمها ولا شيء سواه،
الوقت يمر سريعًا، وهي تتنقل بين الشوارع الضيقة، لا تعرف كيف وصلت إليها ومتى،
وكل ماتريده الآن خروجها بسرعة مبتعدة عن العيون  التي تلاحقها،

🎉 لقد انتهيت من قراءة أقدار القمر ...للكاتبة مروة امين 🎉
أقدار القمر ...للكاتبة مروة امينحيث تعيش القصص. اكتشف الآن