الفصل الثلاثون

10K 319 8
                                    

الفصل الثلاثون.

التفت لها بنظرة استفهام فأعادت قولها مرة أخري ببطء  لتريه مدى جديتها :
مش عاوزة البيبي دا وأي حاجة تربطني بيك في يوم من الأيام مش عاوزاها، لو ليك ذكرى في قلبي حتى هحرقها وأحرقك جوايا.
رمقها بتقزز، أخرج بطاقة بنكية من حافظته الشخصية وألقاها جوارها قائلا:
دي هتغطيلك مصاريف العملية واعتبري الباقي تعويض مناسب..
قبل ان ترد خرج من أمامها مسرعًا ليستمع من الخارج مسباتها له ويبتسم ابتسامة باهتة مغتاظة بشدة دون رد فعل آخر فقط تابع طريقه وداخله أفكار تتضارب تتصارع بعنف مهلك تتحكم عواطفه بتفكيره تدفعه لطريق لم يكن بباله يومًا..

توقفت السيارة أمام المنزل.
رفعت ملك رأسها من خلف الزجاج تنظر للبيت وداخلها مشتعل تزفر ببطء  لتخبي سعير قلبها، تتنقل بعينيها بين المنزل وبين هاني الذي وقف جوار الباب  فتحه بهدوء، بسط يده لها وقال :
متصعبيهاش أكتر من كدا علينا أنتِ مش عارفة أنا كنت فرحان بوجودك معايا قد إيه، بس دا الصح.
سحبت نفسًا طويلًا أطلقته مع تنهيدة حارقة، مدت يدها تتشبث بيده ودلفت للمنزل بتثاقل شديد، كاد يطرق الباب فاستوقفته قائلة :
لالا بلاش هنا أنا هطلع عند بابا فوق.
هز رأسه موافقًا وقال :
طب اطلعي وأنا هستناكي تعرفي بابا اني هنا.
طالعته بدهشة فاسترسل :
ميصحش أطلع كدا من غير معاد.
اومأت برأسها بتفهم وصعدت ببطء شديد وكلما توقفت التفتت له، حثها على الصعود ببسمة حنونة، وقفت أمام الباب ترددت قليلا، خشيت مواجهة حسناء بعد اتهامها لها بظلم شديد؛ سحبت نفسًا ملأت به رئتيها تشجعت قليلًا وطرقت الباب عدة طرقات؛ انفرج الباب على مصرعيه، ابتسمت بحب فرمقها بغضب طفولي وصدح من الداخل صوت يتساءل :
مين عالباب يامالك؟
التفت بضيق قائلًا :
دي ملك ياماما!
جذبته ملك قبل ان يدخل وقالت بصوت يشوبه الحزن :
لسة زعلان مني يامالك؟ حقك عليا ياحبيبي.
لمح الحزن بعينيها  فتأثر وسامحها، هز رأسه نافيا ببراءة وقال :
لا خلاص بقا انت ِ اختي حبيبت، بس متزعليش كدا وانا مش زعلان...
بتر حديثه صوت والدها يتساءل بفزع :
ملك!  في إيه ياحبيبتي حاجة حصلت؟
اندفعت نحوه بدموع فاضت بها مقلتيها، استلقت بين ذراعيه وقالت  بصوت مختنق :
قلبي واجعني اوي يابابا مش قادرة أصدق كل اللي حصل دا..
ربت عليها بحنان؛  رفع وجهها عن صدره يحتضنه بين يديه، نظر بعمق داخل عينيها وقال بحزن :
صدقيني أنا عمري متخيلت حاجة زي دي تحصل منها بس خلاص هي دلوقتي في دار الحق ملناش نحاسبها..
ابتلعت غصة حارقة وقالت بأسى :
أنا مسامحاها يابابا مينفعش مسامحهاش،
استدارت لحسناء الواقفة منذ فترة تتابع الحوار بصمت، اقتربت منها منكسة رأسها أرضا بخجل وقالت بتوسل :
أنا عارفة إني ظلمتك، فقدت سيطرتها على دمعاتها فانسالت على خدها، صمتت هنيهة واستطردت : وماما كمان ظلمتك كتير بس أنا متأكدة إن مفيش أطيب من قلبك وواثقة انك هتسامحينا.
اقتربت حسناء لتجذبها بضمة قوية وتقول بحنان :
أنا مزعلتش منك عشان أسامحك ياملك انت بنتي ،
رفعت ملك وجهها وتساءلت بخفوت :
طب وماما؟
تنهدت حسناء قائلة : حتى أمك أنا مسامحاها، عشان خاطرك انتِ وكريم.
ابتسامة ممزوجة ببكاء حار كانت وسيلتها الوحيدة لتعبر عن امتنانها.
اقترب والدها منها يحاول تهدئتها وبعد قليل توقفت عن البكاء وقالت بصوت متحشرج :
هاني تحت يابابا منتظر حضرتك .
قفزت الدهشة على معالم وجهه وقال بذهول :
كل دا سايباه واقف.
ارتبكت قليلا وقالت :
نسيت يابابا والله آسفة.

أقدار القمر ...للكاتبة مروة امينحيث تعيش القصص. اكتشف الآن