مر شهر كامل على زفاف فاتن وقد اخبرت عفاف الجميع بسعادة أن زوجها صحبها لخارج البلاد لقضاء شهر العسل،كان هذا حادثا مميزا لأهل هذا الحى الذى لم يعتمد قاطنيه على هذا الترف ،سعد البعض لأجلها وحسدها آخرون.لكن لم يفكر أحد هل هى حقا سعيدة ام لا!!
بعد أن لاحظها صابر يوم زواج فاتن لم يتعجل الأمور ..سيدقق فى اختياره هذه المرة ،لذا فقد اكتفى طيلة الشهر بمراقبتها ،هى دقيقة منظمة تغادر وتعود بنفس الموعد لا تأخير في الذهاب أو العودة ،لا تتحدث الى أحد ولا تبطئ فى السير يبدو من هيئتها الالتزام والصرامة ،قد يكون هذا هو سبب انصراف الشباب عن التقدم لخطبتها .شباب محدودى الأفق لا يعلمون اين يبحثون عن الكنوز.
كان بورشته كالعادة حين اقبل سالم لكن بصحبته سما تعجب صابر لأمره منذ متى يأتى بها للورشة لكنه وقف مرحبا رغم كل شيء: مرحبا سالم...مرحبا سما.
كانا يبتسمان بسعادة بينما قالت سما بسرعة : هيا صابر نحتاج مساعدتك
يضحك سالم على لهفتها : صبرا سما لنوضح له الأمر أولا
يبدل صابر نظراته بينهما بلا فهم بينما يقول سالم:لقد عدنا توا من شراء أثاث شقتنا ونحتاج مساعدتك فى حمله
تتسع ابتسامة صابر: اكيد افعل ومساعدى ايضا
ينظر للفتى ويقول: هيا يا حوده أغلق الباب وإلحق بى .
يسرع الفتى بالتنفيذ بينما يقول سالم: مهلا اخى لم تصل السيارة بعد .
يرفض صابر قائلا: هيا يا رجل لننتظرها أمام المنزل مابالك لست متحمسا !!!
تضحك سما وهى تسير تتعلق بذراع سالم: هو حزين على ما أنفق من مال
يضحكون جميعا بينما يقول سالم بلهجة حزينة: اصدقكما قولا فانتما اقرب اثنين إلى قلبى ...انا حزين حقا سما
تتوقف خطا سما ويعلو العجب وجه صابر بينما يتابع سالم: كنت أتمنى أن اشترى لك كل ما تتمنين ،لكنى لم أحصل على المال الكافى رغم الكد فى العمل
تبتسم سما لتهون عليه شعوره بالعجز بينما يتساءل صابر: هل ينقصكما شئ ؟
يهز سالم رأسه نفيا بينما تقول سما بسعادة: لا صابر حقا احضرنا كل ما نحتاج إليه
يمد صابر ذراعه ليحيط راس سالم ليجبره على السير وهو يقول: لا تتعجل سالم ستحصل يوما ما على كل ما تتمنى هيا يا رجل لدينا عمل شاق.سرعان ما وصلت العربة وبدأ الجميع فى حمل القطع حتى سما بينما تطوع بعض شباب الحى للمساعدة وحين شارفوا على الانتهاء ارسل صابر مساعده لشراء الطعام للجميع وأصر على سائق العربة أن يشاركهم كما أصر على دفع إكرامية السائق ليمر اليوم سعيدا على الجميع ويعلن والد سما عن الزفاف بنهاية الأسبوع.
****************************
فى اليوم التالى وحيث كان سالم بالورشة مع صابر يبحث معه إعدادات الزفاف ف سالم يريد أن يقتصر انفاق المال على الضروريات فقط ويعرض عليه صابر بعض البدائل فيمكنهما الاستغناء عن العاملين المرافقين للفراشة سيقوم صابر وشباب الحى بالخدمة ويمكن تقليص كمية الإضاءة وسيقدم العصائر فقط للضيوف ،كما سيستأجرون ذلك الشاب لإحياء الحفل بدلا من إحضار فرقة كاملة
وبينما يتباحثان الأمر إذ بسيارة فارهة تتوقف أمام الورشة وسرعان ما ترجلت منها حسناء فاتنة ليسرع إليها حوده قائلا: مرحبا سيدتى تفضلى
تتحدث الحسناء فيتعرف صابر وسالم صوتها فورا ويلتفتان إليها بتعجب قائلين بنفس اللحظة: فاتن !!!!
تتسع ابتسامة فاتن وهى تلوح لهما بإستهتار بينما يكفهر وجهيهما لهيئتها المثيرة للاشمئزاز هل ما تضعه على رأسها يسمى حجابا !! كيف ارتدت هذه الملابس شديدة الضيق!!!
يضطر صابر للترحيب بها : مرحبا فاتن .بما اخدمك ؟
تنزع نظارتها السوداء وهى تنظر له بجرأة غير معهودة وتقول: لقد صدمت سيارتى صابر ...هذه الشوارع شديدة الضيق
قالتها بتأفف ليرفع حاجبيه متعجبا كأنها لم تنشأ بهذه الشوارع ثم يقول ساخرا: بل انت حديثة العهد بالقيادة عليك التمرن عليها فقد تتأذين
تلوح بكفها وتهز كتفيها بلا مبالاة وتقول بدلال زائد: ايمكنك اصلاح هذا الخدش؟
يتحرك صابر لتفقد السيارة ويقول متعجبا : خدش!!! هذا انبعاج كبير يحتاج سمكرى لإصلاحه
تخطو فاتن متمايلة بدلال زائد ليحتقن وجه صابر غصبا وهو لا يصدق أنه كاد يتزوجها يوما ما فيسرع سالم فى محاولة لتفادى غضب صابر ويقترب متفقدا السيارة بكفه ثم يقول: يمكننى إصلاحه لاجلك فاتن سيستغرق بعض الوقت
تنظر له فاتن بغضب فقد حال دون اقترابها من صابر وتقول: حسنا سالم انا بمنزل امى اخبرنى حين تنتهى
واسرعت تغادر بخطوات ثابتة بينما يتعجب صابر : كيف تسير بهذا الكعب!؟ ماذا حدث لهذه الفتاة!!؟
ينظر له سالم بحزم فهو يخشى أن يفتن صديقه بهيئتها ثم يقول: هى لم تعد فتاة صابر هى امرأة متزوجة
يفهم صابر تلميحه فورا فيطمئنه قائلا: اعلم صديقى...هيا عليك إصلاح ما أفسدته بسوء قيادتها
***********************
قضت فاتن معظم النهار بالشرفة تراقب صابر مما أثار حفيظة سالم ونهشت المخاوف قلبه من انصياع صابر لها ،فيبدو انها فقدت كل ما كانت تملك من حياء .
سعد سالم كثيرا بإنهاء العمل على السيارة وتنفس الصعداء حين غادرت فاتن تستقلها عائدة من حيث أتت ،لاحظ سالم شرود صابر مما أثار حزنه وظن أنها وصلت لمبتغاها وحركت مشاعره بينما كان صابر يفكر في أمر آخر لكنه سيؤجله بضعة أيام.علمت فاتن من امها عن زفاف سالم وسما وعقدت العزم على الحضور بحجة تقديم هدية العرس ل سالم فقد اصلح انبعاج سيارتها ورفض تقاضى أجر بينما كانت فى الواقع ترى هذا الزفاف فرصة جيدة للتقرب من صابر .
مر الأسبوع سريعا وبدأ الإعداد للزفاف لقد استأجرت سما فستانا للعرس لم يكلف سالم الكثير من المال كما اعتمدت للزينة على إحدى سيدات الحى تتقاضى القليل من المال ،حاولت قدر الاستطاعة عدم التبذير فهى تعلم جيدا أهمية كل جنية .بدأ الحفل وتجمع اهل الحى كان صابر يتجول وسط الحضور يقدم المقاعد ويعيد ترتيبها كما قدم العصائر بنفسه بدأ الجميع يتراقص على أنغام الأغانى الشعبية بينما لاحظها تجلس بهدوء ترتدى نفس الفستان الذى كانت ترتديه بفرح فاتن حمل كرتونة العصائر وتوجه نحوها فى مجازفة محسوبة مسبقا.
قدم لوالدتها اولا : تفضلى خالة
تناولتها السيدة برحابة وهى تقول: شكرا بنى ليرزقك الله السعادة
يبتسم ويقدم للفتاتين هما توأمتان وهما الأصغر سنا يبتسم لهما: العاقبة لكما
تبتسم الفتاتان وترددان: العاقبة لك أولا اخى صابر
يضحك صابر بسعادة فهما تتحدثان بنفس اللحظة ويقدم لها اخيرا قائلا بهدوء: العاقبة لك
لأول مرة يراها تبتسم وهى تقول: العاقبة لك اخى .
توقف ليقترب قليلا وقد تجهم وجهه فجأةويقول: ماذا قلت؟؟
شعرت بالقلق فهى لا تدرى لما يبدو غاضبا فأعادت جملتها : قلت العاقبة لك اخى
كان قلبها يرجف وهى تنظر إليه ليقول بحزم وهو يشير إليها بإصبعه: انا لست أخاك
ولم يزد كلمة واحدة وانصرف بينما أصاب قلبها الحزن رغما عنها .
لما صابر !!!
ألا ترغب في منحى اى مساحة بحياتك .
تنهدت وهى تضع العلبة التى منحها إياها بحقيبتها ،قد تحتفظ بها للأبد فقد مست يده قبل يدها .
أنت تقرأ
براثن الخطيئة بقلم قسمة الشبينى
Romanceالنوڤيلا سبق نشرها وحذفت ، لذا هذه النسخة إعادة نشر