[" الأمورُ التي ننتَظِرُها لهَا طعمٌ آخر حِينَ تَتَحْقَق! "]

105 9 0
                                    

ركض جونيل بعيداً بعدما تأثر بموقف صديقه و تلك الفتاة ، حتى وصل بنفسه إلى الجسر ، و جلس هناك يجمع أفكاره فقد كان مشوش التفكير كثيراً و مضطرب الحال بعد رؤيتهِ لذلك الملاك ،

فإهتز هاتفه بجيبه ، أخرجه فوجد إتصالات كثيرة من رون و تلك الفتاة مما زاده حزناً وقال: لما هما جريئان هكذا حتى يتصلان بي؟!.

ثم أغلق هاتفه نهائياً و هو متضايق و وضعه بجانبه ، و تأمّل في السماءِ مطولاً حتى أرتخت قواه و أغمضت عيناه من تلقاء نفسها و سقط نائماً لقد تعب اليوم كثيراً ..

جاء الصباح و أستيقظ جونيل فاتحاً عيناه بِرَويّة ، ثم تفاجئ أنه نائمٌ بغرفته!: ماذا؟! من أحضرني إلى هنا؟!.

فسمع صوت و كأن هنالك شخصٌ بالمطبخ ، فأسترق قدماه و تسلل بهدوء ليرى من في منزله فصُدِم مما رأى قائلاً: ليسا!! لما أنتي هنا؟!!.
فضحكت و قالت: هاه قد إستيقظت أخيراً!.
و ابتسمت فتغيرت ملامح وجه جونيل و أخذ بنظره بعيداً عن عيناها ، ثم قال بكل جدية: ليس من المفترض أن تكوني هنا.

فإتكئت ليسا على طاولة المطبخ و قالت: ليلة البارحة لما ركضت حينما رأيتنا معاً؟.
فظل صامتاً و لم يُجِبها ، مازال نظره بعيداً عنها فابتسمت مجددًا و قالت و هي متأكدةٌ مما تقول: لقد أكدّت بالأمس شيئاً لي جعلني سعيدة و جِئتُ بقدماي مبكرةً إلى هنا!.

تعجب من قولها و لكنهُ ظل صامتاً ، و هي تترقب هل سينظر لها ثم تابعت قولها: يا تُرى ماذا يسمى شعور الرجل عندما يرى فتاته مع رجلاً آخر؟.
فصمتت للحظات قليلة تفكر وتضرب بخفة إصبعها السبابة على خدها: اممم.
فتوقفت ثم قالت متفاجئة: اه! إنها ليست فتاته! يا إللهي ماذا نقول في هذا الموقف؟!.
أغلقت على فمها: هاه!! أهي الغيرة؟!!.

ففهم جونيل ما ترمي إليه ،
في حين كانت تثرثر و تقول: أنت لن تجد فتاةً صبورة مثلي! ، لأنني غبية إعترفتُ لشابٍ لا يكن أي مشاعر لي ، و انتظرته طويلاً ، طويلاً جداً ، و فجأة حين رآني مع شابٍ غيره شعر بالغيرة! ، كيف يحصل هذا سأجن؟! كيف يشعر هكذا في حين أنه لا يحبني؟! كييييف؟!.

فنظر إليها بكامل جديته وصرخ بقوة قائلاً: أعتقد أنني أحبكِ ~!!.

فنظرت إليه متفاجئة و كأنما سمعت نغمة طال إنتظار سماعها ، و قد لمعت عيناها و كاد قلبها أن يرقص فرحاً ،
و بعد لحظات صمت و خجل بينهما ، كان جو الغرفة غريبٌ ولكنه مليئٌ بالعاطفة ، نظرت له بحنيةٍ و قالت: نعم! هذا هو ما كنتُ أريد أن أسمعه!.
فقال متعجباً: ما الذي تريدينه؟!.
فقالت و هي تمد كلتا يداها إليه و هي سعيدة: إعترافك هو ما أريد!.
فضحك جونيل وقال: إن هذا جنون!.
فقالت: إذا كان حبي لك يسمى جنون! فليكن كذلك!.
ثم ابتسما لبعض بسعادة.

و بعد فترة قصيرة نضج الطعام و تناولاه سوياً ، فكان جونيل ينظر لها تارةً تلو والأخرى  تعلو على ملامحه الحيرة ، فإنتبهت أنه يريد قول شيئٍ ما فقالت: أتريد أن تسألني؟.
فهّز رأسه بنعم! ،
فقالت: دعني أحزر ما هو سؤالك ، اممم أكنت تريد أن تسألني لما كنت ليلة البارحة مع رون؟.
فقال: نعم!.
فجلست معتدلة و نظرت إلى عينيه مباشرة ثم قالت: إسمع جيداً! أنت لم تمنحنا فرصة لنوضح لك! ، أساساً لم يعتقد كلانا أنك ستغضب وستكون ردة فعلك بهذا الشكل ، كونك رفضت مشاعري مسبقاً ، ثم أن هنالك شيئٌ أنت لا تعرفه عنا! ، أنا و رون أصدقاء منذُ الثانوية العامة درسنا وتخرجنا معاً! ، و يوم أمس كان ذكرى تخرجنا ، فأحببتُ أن نجتمع لنتذكر ماضينا ، و ضحكنا كثيراً.
فقال جونيل: لقد تركني وحيداً ليلة أمس فقد إتفقنا مسبقاً على الذهاب لمدينة الألعاب و لم يخبرني لما؟.
فقالت: اه! أنا السبب حقاً ، فأنا التي أجبرته على المجيئ فجأة! ، أنا آسفة! ، و لكنه لم يخبرني! لم أكن لأمنعه من لقائك!.
جونيل: يبدو أنه لم يشأ أن يجعلك وحيدة و لم يستطع كذلك أن يجمعني بكِ خشية أن يجرح مشاعركِ!.
فابتسمت ليسا وقالت: إن رون صديق جيد حافظ عليه!.
فابتسم جونيل وقال: نعم لقد صار كذلك!.

فقالت ليسا بعد أن فكرت قليلاً: ما رأيك أن نتقابل ثلاثتنا! سأتصل به!.

و هاهم الأن تقابلوا جونيل و رون ، فتركتهم ليسا معتذرة أنها ستذهب لشراء شيئًا ما ، و كان رون ينظر لجونيل و هو يضحك ، و جونيل مرتبكٌ وخَجِل ،
فإبتدأ الكلام رون قائلاً: أكانت تلك غيرة! هههههههه.
فقال جونيل: أنا فقط لم أكن متأكدًا من مشاعري إتجاهها ، كما و تعرفني لا أحب الإرتباط بسرعة.
فضربه رون على كتفه و قال: هون على نفسك هذة التجربة الأولى لك!.
ثم قال بجدية: إنّ ليسا فتاة طيبة و صادقة إعتني بها جيداً.
فخَجِل جونيل ثم قال: إنها فعلاً كذلك لقد كنتُ سيئاً معها بالبداية و لكنها إنتظرتني كثيراً.

ثم تذكر شيئاً و نظر لرون بخبث فقال: لقد تظاهرت أنك لا تعرفها لما فعلت ذلك؟!.
فرد رون مبررًا بطريقةٍ لطيفة: أنت لم تسألني!.
فضحكا معًا،

و بينما ليسا ذاهبةً إليهما و معها الآيسكريم كانت تفكر و تحدث نفسها:
"أخيراً إعترف لي جونيل ،
أنا لا أصدق أنه إعترف بمشاعره لي! ،
لقد إنتظرته فوق ما يتصور! ،
لقد أحببته بأول صورة له في صفحة رون على موقعٍ للتواصل الإجتماعي ، حينها كانوا يدرسون بالمعهد ،
أول مره ألتقيت به شخصيًا ، هي حين خطى أول خطواته بالجامعة كنتُ من الطلاب المتطوعين لكنه لم ينتبه لي مطلقًا ،
واصلت الظهور أمامه ،
و أيضاً لم ينتبه لي بتاتًا ،
شعرتُ بالحزن و بكيتُ كثيرًا بسببه ،
حاولتُ عدة مرات أن أنساه! ،
و لكن دون جدوى! ،
فقد كان في كل مرة أقرر نسيانه يظهر أمامي و يجعل قلبي يخفق بشدة فلا أحد يسمعه أو يشعر به سواي ،
حتى عرض عليّ رون اللقاء به ، لا أدري ما السبب الذي جعله يفكر بطلب ذلك مني! ، و الغريبُ في ذلك أن جونيل بعدها قام برفضي! ،
لكنني لم أستسلم ،
فقد إنتبه لي أخيراً! ،
أحسست أنني أقتربت منه ، فقررتُ أنني لن أكتفي بحبي له ، بل سأجعله يحبني!
حمداً لله أستطيع البكاء فرحاً الأن!!".

فمسحت دمعتها و قطع تفكيرها نداء رون: ليساااا!.
فإنتبهت له وأرتبكت: ماذا؟! اه! آسفة أنا قادمة!!.
فركضت إليهما ، و عاتبها رون: أين كنتي شاردة بذهنك؟!.
فضحك جونيل قائلاً: لا بأس!.
فخجلت ،
ثم تمشوا ثلاثتهم و تحدثوا و ضحكوا كثيراً ، و قضوا اليوم بأكمله معاً ،
و قبل أن يودعوا بعض قالت ليسا بخجل: شكراً لك رون لأنك السبب في لقائي أنا و جونيل!.
فقال جونيل متعجباً: و ما دخله هو أنتي من طلبتي لقائي برسالة الحب!.
فأحمر وجهها خجلاً حتى صار الطماطة و صاحت: عن أي رسالة تتحدث؟!!.
فقال جونيل: لقد اعترفتي لي برسالة و حددتي مكان اللقاء!.
فقالت: لا لستُ أنا!.
فنظرا كلاهما إلى رون نظرات غضب و قد كان يضحك رافعاً يديه مستسلمًا و يقول: اهدؤا اهدؤا.
فضرباه كلاهما و ضحكوا كثيراً ، بعدها أوصلا ليسا لمنزلها ، و ذهب كل واحدٍ منهما في طريقه ،

تمددت ليسا لتنام  في سريرها ، بعد أن أستحمت ، و قالت مبتهجة: الأمور التي ننتظرها لها طعمٌ آخر حين تتحقق!.

و إنتهى ذلك اليوم الجميل ، بالتّطلع بشوقٍ للمستقبل!.

ملاكي الطيب حيث تعيش القصص. اكتشف الآن