[ "ملاكي الطيب" ]

100 9 0
                                    

و في يومٍ عندما كان جونيل يعمل بالشركة ، أتاه إتصال من رقم غريب فأجاب: من معي؟.
صوت رجل: هل أنت جونيل؟.
فقال جونيل بغرابة وقلبه إنقبض فقد أحس بشعور غريب: نعم أنا هو!.
فقال الرجل: هل لديك أبوان يقطنان في قرية (اسم القرية).
فقال جونيل منتفضاً من مكانه: نعم! هل هما بخير؟!.
فقال الرجل: ننتظرك في المشفى الرئيسي الأقرب لتلك القرية والداك نقلا للمشفى بحادث سير تعال فوراً!.
. . . دارت الدنيا به ، و ظل على حالهِ مصدوم للحظات
و الوقت يمشي ببطءٍ شديد ، سحب نفسه بالقوة حتى ينهض ، فقد أحس أن جسده ثقيل و عيناهُ لم ترمش حتى بعد سماعه الخبر ،
ترك كل شيء كان بيديه و ركض مسرعًا بخطواتٍ متعبة و متوترة إلى السيارة ، توجة مباشرةً إلى القرية ، دون أن يتسنى له الوقت ليخبر أحد ، كان يقود السيارة بسرعة جنونية تفوق المِئة و المئتين! ، لكنه لم يشعر أو يحس بشيء! ، كل ما يدور في باله و ما يسيطر على تفكيره هو ما حال والديه؟!  ،
وصل للمستشفى ، متوجهًا لطوارئ ، صاح فوق الممرضة بقسم التسجيل ، خائفًا  متوترًا: أين هما والداي؟!!.
فقالت الممرضة: من فضلك سيدي إهدئ!.
فزاد بصياحه ولاحظه كل من حوله: قلت لكِ أين والداي!!!!.
ففزعت الممرضة منه ، والجميع من حوله فتركها خائبًا يبحث عن إجابة تشفي عليله ،  ركض متخبطًا ويصتدم بكل من يمر بجانبه ، وعيناه لا ترى شيئًا ، فقط تبحث عن والداه ، فقط تبحث عن حبيبيّ قلبه ، كان كالمجنون تمامًا ، حتى أستوقفه طبيب بقوة و صاح جونيل: أين والداي؟؟؟!!!!.

الطبيب: اأنت الذي أجابني بالهاتف؟.
فقال جونيل و أعصابه قد تلفت متوسلاً و يرتعد من الخوف لم تسعفه الكلمات ليصفَ ما بقلبه من قلق: أاارجو..وك قل..لل لي أنه ههما ب..ببخخير..ير!!!.

فأوطئ الطبيب رأسه و قال: تأكد هل هما هناك.
مشيرًا إلى غرفة و تركه وحده فتيبست عظام جونيل و زادت صدمته عندما قرأ إسم الغرفة

..

"غرفة تجميد الموتى"
..

إنقطع عن العالم فجأة
حمل نفسه نحوها
بقدمان ثقيلة و مرتعشة ،
أنصمّت أذناه
فلم يعد يسمع شيئًا ،
و بيدٍ ترتجف بقوة
فتح جونيل الغطاء الأبيض
عن وجه الميت الممد قبل أن يُدخل إلى الثلاجة و هنا وقعت المصيبة على رأس جونيل ،
و سالت دموعه منتفضة ،
إنه والده!
أغمض جونيل عيناه بقوة فهو لا يريد أن يصدقهما ،
فتح عيناه مجدداً
وحال والده مازال كما هو!
دخل لقلبه حزن شديد ، يكاد أن يمزق قلبه ، إقترب منه و قَبّل رأسه قائلًا:هيا إنهض إيها الوسيم ، أرجوك إنهض!.
"لا حياة لمن تنادي" لا يريد تصديق تلك العبارة  ،
ثم و بقلبٍ يملاؤه الحزن و الإنكسار نظر إلى السرير الآخر و زاد عمق الحزن في نفسه ، فهو يعلم من ذلك الكائن الرقيق تحت الغطاء الآخر ، و لكن عيناه تريد تكذيب إعتقاده ،

فتح الغطاء
آلا بوالدته الجميلة
ممددة و كأنها ملاك
تجعدت ملامح وجهه و ذبلت عيناه و قام بتقبيل رأسها ثم إحتضن جثتها و يتجرع جرعاتٍ من الألم الذي يعتصر قلبه قال بشفاة غير مبالية بما في عينيه: لقد عدت! عدت إليكما! هل طعام العشاء جاهز! أريد أن أتذوق شيء من يديك قبل أن .. قبل أن .. قبل أن .
فقام من صدمته وأدرك فراقهما:

ملاكي الطيب حيث تعيش القصص. اكتشف الآن