[ "أُرِيدُ أن آراكَ" ]

338 16 3
                                    


بعيداً من منتصف الليل ..
كان جونيل متعب جداً من المذاكرة لأمتحانٍ في جامعةٍ ما ، وبينما هو يكتب جف الحبر من قلمه فهمَّ ليبحث عن قلمٍ آخر ، وعندما كان يبحث في الأدراج بين الأغراض ، وجد بطاقة دخول لإمتحانه في السنة الماضية حيث فشل في دخول الجامعة التي رسم مستقبله عليها ، فعلّت نظرة الخيبة عيناه المتعبة وقام بحك ظهره بها قليلاً ثم رماها ، فَلَوَا رقبته قليلاً لتدليك فقراتها فهو متعب من تقوسها للمذاكرة لمدة ساعات ،
فشعر أنه يحتاج للتمشي قليلاً تحت ضوء القمر ليخفف عن خنقته برؤية تلك البطاقة فهبَّ لإرتداء معطفه وتمشى في البرد القارس إلى أن وصل لجسرٍ من تحته نهر صغير تُضِئ جزيئات مائِه بشعاع البدر ، فجلس وهو يفرك يداه بقوة من شدة البرد ليحصل على بعض الدفء ،
فظل ينظر للقمر مطولاً ويتذكر سعادته في رسم مستقبله وما حققه في مخيلته والحزن يغشى ملامحه التائهة في التفكير في ذلك ، فضّمَ نفسه وقام يربثُ على كتفه ويقول: لا بأس لا بأس, إنها ليست النهاية.
ثم صمت للحظات ..

فإنفجر بالبكاء ..

إلى أن هدئ قليلاً ونظرَ للقمر بعمق وغشاء الدموع قد ملأ عيناه وفجأة! ،
لمع القمر بشدة لثانية واحدة! ،
فتعجب جونيل مما رأى وأعتقد أنه تخيل ذلك فقام ومسح عيناه من الدموع جيداً ونظر إلى القمر مجدداً فحدث نفسه: يبدو أنني تخيلت ذلك!.
فمنعه فضوله من أن يرتاح فراح يتفحص القمر جيداً مرةً أخرى فنظر ونظر فجأة آلا بوجه إنسان ذو أجنحة أمامه مباشرة قد سقط من السماء إليه فاِتسع بؤبؤ عيناه أقصى ما اتسع!! ، فعيناهُ تكاد تدخل عينا ذلك الشيء الغريب ، فتفاجئ الإثنان وبسرعة تفوق الخيال إنقلب ذلك الوجه وارتطم بقوةٍ بالنهر وانفجر الماء بكل قطرة إلى كل مكان ، حدث كل ذلك بأجزاء من الثواني لا يستطيع عقل الإنسان إستيعابه!! ،
فارتدع جسد جونيل وهرب بعيداً دون أن ينظر خلفه من شدة الخوف ،
وركض وركض حتى لم تعد قدماه تطاوعه من شدة الإرتجاف ،
إلى أن سقط على ركبتيه وباطن كفيه ، وهو يتنفس بقوة يكاد يختنق مما رأى وظل على هذه الحال ساعة وهو يتمتم وترتعش شفتاه: هل ما رأيته حقيقة؟!! ،
هل ما رأيته حقيقة؟!!.
فعاد للمنزل مسرعاً وتغطى بلحافه مرتجفاً ، وحاول جاهداً أن ينام وتقلّبَ وتقلّب بسريره ولكن دون جدوى ، ففضوله سيقتله حول ما هيئة ذلك الذي رأه قبل قليل وعقله لم يتوقف عن التفكير فيه لحظة رؤيته له ،
فهمَّ ليرتدي معطفه مجدداً وأسرعَ ليرى ذلك الشيء ، ناسياً حذائه خلفه ..

فوصل للمكان الذي كان فيه فتفحص المكان جيداً ولكن لم يتغير به شيء ولا حتى الإرتطام القوي الذي حدث فقال بغرابة: ذلك الشيء ارتطم بقوة هنا! يجب أن يكون هنالك أثراً له! لا يمكن أن يحدث هذا! لقد كان كأنما صاروخ ارتطم هنا!.

ففكر قليلاً وهو يحك رأسه متعجباً من غرابة ما حدث إلى أن وصل لنتيجة جعلت يداه تمسك رأسه صارخاً: هل جننت!!! هل أنا مجنون؟!!!\(°д°)/.
فإستجمع عقله قليلاً ثم أمسك بحديدة الجسر وصرخ بأعلى صوتٍ لديه: هيييييي!!!!~ أين أنت؟!!!~ أنا لستُ مجنوناً! لقد رأيتك بأُمِ عيناي هل أنت هنااااا؟!!!.

فلم يجيبه أحد وظل يصرخ ويصرخ فلم يجيبه أحد بتاتاً حتى شعر بخيبة أمل كبيرة ، فنظر للأسفل ولاحظ أنه قد خرج بلا أحذية فلسع البرد أقدامه وركض وهو يتقفز مبتعداً من الجسر قليلاً ، ولكنه توقف ليفكر قليلاً كيف سيجعل ذلك الشيء الغريب يجيب عليه وأمسك يداه بقوة ،
فخطرت بباله فكرة جعلته يركض مسرعاً حيث كان وصرخ قائلاً: أريد أن آراك! رجاءً! أظهر أمامي لثانيةً! حتى لا أعتقد أنني مجنون!! أرجوك إظهر أمامي الآن!!.

أيضاً بَدَا وكأنه يكلم نفسه فلم يجيبه أحد فتهكم وجههُ قليلاً فأضاف قائلاً: سوف أنتظرك هنا يومياً في هذه الساعة إلى أن تظهر أمامي مجدداً ولن أخاف!! أعدك بذلك !!.
ورحل مسرعاً للمنزل وتجرحت أقدامه دون أي فائدة تُرجَى ..

وجاء إلى نفس المكان وفي نفس الساعة ف اليوم التالي والذي يليه ،
واستمر بقول نفس الكلام يوماً بعد يوم واستمر بذلك ما يقارب الثلاثة أشهر يومياً! وهو بنفس الحال يرحل دون جدوى ، فشعر بالندم لهروبه لحظة لقائه ، ولكنه ما زال مصمماً أنه ليس بمجنون فلقد رآه حقاً أمام ناظريه! ولا يستطيع تكذيب عيناه ، فزاده الإنتظار عِناداً وتصميماً وتلك الثلاثة أشهر أضاف إليها ثلاث وهو على نفس الحالة ينادي ويصرخ ثم يرحل ...

ملاكي الطيب حيث تعيش القصص. اكتشف الآن