[ "كُن مُبدِعاً بمَا لديك لا بمَا تتمنَى" ]

164 12 1
                                    

..

مرت سنة كاملة على لقاء جونيل بذلك الملاك ،
وقد أستطاع جونيل بإجتهاده المتواصل أن يدخل الجامعة التي قام بالتسجيل بها ، بالرغم أنها ليست جامعة أحلامه ،

هاهو الأن أمام مدخل الجامعة يكاد قلبه أن يرقص فرحاً بعد الجد والتعب الذي لاقاه حتى يدخلها ، فقدمت مجموعة من الطلاب المتطوعين من السنة السابقة أن يساعدوا الطلاب الجدد بأخذهم لجولة حول حرم الجامعة ويشرحوا لهم نظام الجامعة ويرونهم مقاعدهم وأماكن الفسحة ، وقد كانوا لطيفين جداً معهم وأحبهم جونيل كثيراً لتعاونهم معه ومع الطلاب الجدد مثله ، وبعد أن أنتهوا ذهب جونيل لمكتب الإدراة في القسم الخاص بالتسجيل ليكمل أوراق تسجيله فوجد المشرفة ولم يكن هناك أحد غيرها ، فألقى التحية على المشرفة قائلاً: مرحباً أنا طالبٌ جديد واسمي جونيل أتيت لإكمال أوراق تسجيلي ودفع رسومي الأولية.
فقالت المشرفة: حسناً لا أحد غيرك يدفع نقداً هههه.
فابتسم وهو يشعر بالخجل ، وبدأت بإستكمال تسجليه بالجامعة كطالب جديد ، وبينما هي تعمل على ذلك تعجبت من شيء ونظرت إليه بسرعة وقالت: اسمك جونيل صحيح؟.
فنظر إليها متعجباً: نعم! اسمي جونيل مالخطب؟.
فضحكت بغرابة قائلةً: جميع رسوم سنواتك الدراسية القادمة مدفوعة مسبقاً وكاملة!.
أستغرب جونيل بشدة وقال لها: لا يمكن ذلك! تأكدي! أنا لا أملك ذلك المبلغ! يبدو أن هنالك خطأٌ ما!!.
راحت المشرفة لتتأكد مرة أخرى وقالت له: أنظر بنفسك هذا اسمك الكامل.
فنظر لشاشة الكمبيوتر ولم يكن هنالك خطأ باسمه أو عنوانه ورقم هاتفه فإشتد حيرةً وقال: لا بد أن يكون هنالك خطبٌ ما أنا لستُ بهذا الثراء.
قالت له المشرفة: أنا أؤكد لك أنه لا يوجد خطأ بالحسابات لا يمكن أن يكون هنالك خطأ! يبدو أنك تدرس هنا على حساب الجامعة أنظر هنا لماهو مكتوبٌ بالأخير.
وقد كان مكتوباً *(يدرس هذا الطالب لدى الجامعة مجاناً)*
فقال جونيل: لم يُذكر لي ذلك عندما قُبلت في الجامعة!.
فقالت له المشرفة: فقط إبتهج يا فتى فهذا زهرُ حظك!.
ورحلَ وهو لايزال في حيرة ولكن سرعان ما تجاهل الأمر وفرح كثيراً بهذا الخبر ورآه عميد الجامعة سعيداً فابتسم لسعادته ..

وبمرور الأيام أصبح جونيل فتى الجامعة المحبوب والذكي من قِبل جميع الطلاب والمحاضرين من حوله وحتى العاملين في الجامعة أحبوه جميعهم ، فهو يتحدث مع الجميع بلطف ويشاركهم آلامهم وأحلامهم وجميع همومهم وإبتسامته قد لمست قلوب الجميع ، و صادف يوماً من الأيام أن ألتقى جونيل بصديقه أمام مبنى الجامعة و الذي آخر ما رآه أمام ذلك المقهى وفرح صديقهُ حين رأه فقال: جونيل! ما هذه الصدفة الرائعة أن ألقاك! ، ماذا تفعل هنا؟.
جونيل: أنا طالبٌ في السنة الأولى.
صديقه: حقاً أنا لم أعلم بذلك!.
جونيل: أنت ما الذي جلبك إلى هنا؟!.
فهمس صديقه له مقترباً من أذنه: سأخبرك بسر عميد الجامعة يكون والدي.
جونيل متفاجئ: حقاً! إذن لما لا تكون طالباً هنا!.
فرد عليه ضاحكاً: أنا كذلك!.
فقال جونيل: مهلاً ألم تكن تخطط للدراسة بجامعة أخرى؟.
فأجاب صديقه: في الحقيقة لم أكن أريد الدراسة هنا كون والدي هو العميد لا أريد أن يفكر أحدٌ أنني دخلتها من الباب الخلفي مع ذلك رفض والدي أن أدخل جامعة أخرى وأتفقنا على أن لا نخبر أحد أنه والدي.
فتفهم جونيل ذلك فأراد صديقه أن يسأله: لماذا قررت التسجيل هنا مع أنها ليست جامعة أحلامك؟.
فعبس وجه جونيل ثم قال: لم أُقبل بتلك الجامعة فقد فشلت بالإمتحان!.
فقال صديقه: هون عليك يا صديقي فهذا لا يعني أنك لست كِفاً لها وإنما الطلب عليها كبير ورسومها مكلفة جداً وهناك الكثير من يدخلونها من الباب الخلفي!.
فرد جونيل سريعاً: أنا لستُ حزيناً لقد أحببتُ هذة الجامعة كثيراً والمهم هو أن تكون مبدعاً بما لديك لا بما تتمنى!.
فأضاف صديقه قائلاً: صحيح فهذا لا يعني أنك ستبدع وستكون راضياً فقط بما تتمنى فالأفضل هو أن تكون مبدع بما لديك أياً كان و هنا ستكون راضياً تماماً بما صنعت وسعيد.
فإتفق الإثنان على هذا المنطق وابتسموا لبعض ففكر جونيل أن يسأل صديقه سؤالاً: كيف يمكن أن تدرس على حساب الجامعة؟.
فأجابه قائلاً: هذا بسيط يكفي أن أحد المحاضرين أعجب بذكائك فأوصى بك إلى جانب ضعفك المادي مع العلم أنه يسمح لمقاعد قليلة لهذه الفئة.
فتعجب جونيل و كلم نفسه: يا تُرى من أوصى بي؟.
فسمعه صديقه وقال: هل أنت تدرس على حساب الجامعة؟ هل أوصى بك أحد؟.
قال جونيل: لا أعلم ولكن قيل لي ذلك؟.
فضحك صديقه عليه: إذن ما العجب في ذلك! فقط كن ممتناً!.
فابتسم جونيل فخطرت ببال صديقه فكرة: ما رأيك سأعرفك على والدي!.
جونيل: ماذا؟ الأن فجأة!.
فضحك صديقه: لا بأس تعال!.

فذهبا بعد إنتهاء الدوام لمنزل صديق جونيل وكان منزلاً جميلاً جداً وراقٍ ، وعندما جلس جونيل مع والد صديقه بدا الوضع وكأنه مقابلة فجونيل كان متوتراً جداً وصديقه يضحك من توتره في لقاء والده ، والأم كانت تحضر المائدة وأخاه الصغير يلعب بألعابه الصغيرة ، وبوسط هذا الوضع الصامت قال الأب: من هذا الفتى يا رون؟.
فبدأ رون يعرف والده على جونيل قائلاً: إنه صديق تعرفت عليه في المعهد السابق الذي درست فيه قبل عام وكنا أصدقاء متحابين جداً مع مجموعة من الأولاد.
وبينما رون كان يتحدث نظر إلى جونيل والحنين لتلك الأيام قد ملأ عيناه وأكمل قائلاً: ووجدته بالصدفة في الجامعة وتحدثنا فعرضت عليه أن يأتي لمنزلنا اليوم حتى تتعرفا عليه.
فقال الأب: أين ذهب البقية؟.
فقال رون: أختلفت طرقنا فلم نعد على تواصل قوي كما كنا سابقاً.
وابتسم ثم نظر الأب وابنه إلى جونيل منتظرين منه أن يتكلم فنظر لهما جونيل متعجباً وتذكر أنه لم يقدم نفسه فإرتبكَ قائلاً: ا ا اسمي جونيل وأنا طالب في السنة الأولى في الجامعة التي أنت عميدٌ بها!.
فتعجب رون ووالده من طريقة كلامه وبعد لحظات صمتٍ قليلة ضحكا رون ووالده بهستيرية على جونيل وضحك جونيل معهم وإنكسر الحاجز بينهم ونادت الأم: تعالوا فالطعام جاهز!.

وتعشوا وكانت المائدة لذيذة جداً واستمتعوا جميعهم وسعد الأب والأم ورون نفسه من جونيل ولطافته ، و أحس جونيل أنه بين عائلته و أحبهم كثيراً و أحبوه و تكلموا كثيراً بسعادة ، إلى أن جاء موعد الرحيل وقالت والدة رون تمدح بصديق رون بعد أن خرجا سوية: إنه شابٌ لطيف.
أجاب الوالد: إنه كذلك يبدو أن رون يثق به كثيراً وإلا لما قال له أنني أكون العميد!.
فقالت الأم: من اللطيف جداً أن يصادق إبني شابٌ مثله أتمنى أن ألتقي بوالديه.
فهّز الوالد برأسه موافقاً فأضافت الوالدة: قال إنه بجامعتك هل رأيتهُ من قبل؟.
فرد الأب: لا لم ألتقي به أبداً!.
وودع رون صديقه جونيل وكان ينظر له وهو يبتعد ويحدث نفسه: أتمنى أن تسامحني فلقد كنت جباناً في الماضي ولكنني سأعوض عن ذلك!.

وعاد جونيل إلى منزله الصغير سعيداً بهذا اليوم الحافل بالأمور السعيدة التي حصلت معه اليوم ، فكان راضياً تماماً عن إختياره لهذة الجامعة وقال: "كن مبدعاً بما لديك لا بما تتمنى!" إنها مقولة رائعة!.
ونام مطمئناً في تلك الليلة وهو معتقداً أن ما سيأتي سيكون أكثر جمالاً حتى لو لحقته بعض الصعوبات ..

ملاكي الطيب حيث تعيش القصص. اكتشف الآن