بارت14

730 65 8
                                    

بابا هو صُغيَّر تعرَّض لتجرُبة مُخيفة، خرج منها بيعاني من حالة صدمة واضطراب نفسي، عُمره ما إتكلِّم عن اللي حَصَل له بالتفصيل، بس أنا عرفت من ماما إنه قالها في مرة عن الموضوع بدون تفاصيل، بالنسبة لي شخصيًا.. عُمري ما كُنت مُهتَم بتفاصيل الموضوع، كفاية الألم النفسي اللي بحِس بيه لمَّا بفكَّر إن بابا تعرَّض لتجربة مُرعِبة وهو طفل، الأب دايمًا في نظر ولاده بطل، أقوى راجِل في الدنيا، مش شخص مُضطرِب نفسيًا لأن حد عذِّبُه وهو صُغيَّر، عُمري ما سألته لأني مش مُهتَم أعرَف، مش عايز صورته في عيني تتهَز، الراجل القوي اللي قدر يستقر بحياته مرة تانية عشان يكوِّن أسرة وأصدقاء، مش عايز أشوفه وهو خايف ومُنهار، مش عايز حاجة تضايقه في أيامه الأخيرة.

لكن رغم كُل دا.. الصورة دي إتدمَّرِت تمامًا.. وعلى إيديه هو.. لمَّا قرَّر يحكيلي كُل التفاصيل اللي حصلِت له.

وديت ولادي يباتوا أسبوع في بيت ماما وبابا، الولاد بيحبوهم وبابا وماما بيزنوا عليَّا بقالهم فترة أسيب الولاد معاهُم شوية، هُمَّا عايشين بعيد عننا بمسافة كبيرة، عشان كدا مش بنزورهم كتير، وعشان كدا قرَّرت أسيب الولاد عندهم أسبوع كامِل، دي مكانتش أول مرة.. بس أكيد.. أكيد هتكون آخر مرة، لأن المرة دي.. كانِت مُختلِفة شوية.

بابا قرَّر يتصل بيَّا في ميعاد هو عارِف ومُتأكِّد إني مش هكون موجود في البيت فيه، وقرَّر يسيبلي رسالة على الـ (Answer Machine)، رسالة أنا مكُنتش عايز أسمعها، هو عَمَل كدا عشان كان عارِف إني مش عايز أسمَع اللي هيقوله، بابا كان عايز يحكيلي اللي حَصَل له وهو صُغيَّر.

.

" ألو.. إزيَّك يا ابني.. أنا آسف إني بعمِل كدا، بس صدقني كان لازِم، يا ريت تحاوِل تفهمني وتقدَّر موقفي، أنا عارف إنك مش عايز تسمَع مني الحكاية دي، أنا آسف.. أنا عايزَك تعرف إني بحبك، ومش عايزك تقلق عليَّا، أنا كويِّس جدًا، صدقني أنا كويِّس جدًا، أنا بس.. "

في اللحظة دي كانت انهار وبدأ يعيَّط بهيستيريا مش طبيعية، بعد دقايق طويلة عدَّت وأنا بسمع بابا بيعيَّط، بدأ يتماسَك شوية ويكمِّل كلامه:

" أنا عارِف إنك عارِف شوية تفاصيل عن اللي حَصَل، زي إن فيه حد خطفني لمَّا كان عندي 4 سنين، خدني في كهف قديم محدِش عارِف طريقه لحَد النهاردة وحبسني هناك أكتر من يوم، مش عارِف بصراحة أنا فضلت هناك أد إيه؟ معنديش أي فكرة عن مكان الكهف دا، كُل اللي أعرفه.. ومعلِش إستحملني عشان اللي هقوله غريب شويَّة.. إني كُنت في أوضتي، وبعدها بلحظة.. لحظة واحدة بس.. كُنت بتشد بقوة مش طبيعية تحت سريري، وبعدين بقيت في الكهف.. كلام ميتصدقش.. صح؟ أنا عارِف إن إنت هتقول إني أكيد مجنون، بس والله دا اللي حَصَل، الدكتور النفساني اللي أنا رحتله بيقول إن عقلي مسح شوية ذكريات عشان كانِت عنيفة، بس أنا مُتأكِّد إن دا اللي حصل حرفيًا، الموضوع أصل مكانش طبيعي نهائيًا، أصل لو عقلي هيمسح حاجات.. ليه ممسحش اللي حَصَل كله؟ ليه لسَّه فاكِر كُل التفاصيل؟

قصص رعب 2حيث تعيش القصص. اكتشف الآن