بارت 15

352 46 3
                                    

عارفين إيه مُمتِع أكتر من لعبة الإستغماية العادية؟
الإستغماية المسكونة!
عارِف إن كتير منكُم مسمعش عنها قبل كدا، ودا طبيعي.. لأنها لعبة من اختراعنا إحنا، كُنا مجموعة أطفال حاسِّين بالزهق والملل في بلدة صُغيَّرة مفيهاش أي وسايل ترفيه نهائيًا، عشان كدا كان لازِم نخترع ألعاب جديدة بدل الألعاب القديمة اللي زهقنا منها، وواحدة من ألعابنا المُفضّلة كانت: الإستغماية المسكونة!
واللعبة قواعدها كانت بسيطة جدًا بصراحة، شبه الإستغماية العادية في كُل حاجة بس أحداثها كانِت بتحصَل في القصر المسكون، ودا قصر قديم على أطراف البلدة بتاعتنا بيقولوا إنه مسكون، الناس كُلها بتخاف منه وبتبعِد عنه، وأهالينا دايمًا بينصحونا منروحش هناك.
بس أغلبكم عارِف إن الممنوع مرغوب بالنسبة للأطفال!
ميزة لعبتنا الجديدة هي إنك مش بس بتستخبى من الشخص اللي بيدوَّر عليك، لا إنت كمان مستخبي من الشبح اللي ساكِن القصر، وفي القصر بتاعه نفسه!
كان قصر كبير، قديم، ومهجور، لونه كان أبيض، قبل ما الزمن يعمل عمايله فيه، بوابته الحديد المصدية مقفولة، بس فيه حتة مكسورة في سوره من ورا بندخُل منها، محدِّش يعرفها خصوصًا إنها متدارية وسط شجر كتير، باب الضخم مقفول، فبنضطر ندخُل من واحد من شبابيكه اللي مخلوعة من مكانها.
القصر من جوا ضلمة، واسِع، مليان تراب وكراكيب، كُل ركن فيه زي ما يكون مستخبي جواه شبح، أنا شخصيًا بمُجرَّد ما بدخُل القصر.. قلبي بيدُق زي المجنون، فيه حاجة غريبة جوا القصر دا بتخلي جسمك كله يقشعر أول ما تحط رجلك جواه.
وبصراحة.. من يوم ما بدأنا اللعبة بتاعتنا، بندخُل ونلعب ونخرج من غير ما أي حاجة غريبة تحصل.
بس دوام الحال من المُحال..
الدنيا فضلت ماشية كويِّس لحَد الليلة اللي كُل حاجة إتغيَّرِت فيها!
زي كُل مرة.. دخلنا القصر، واخترنا مونيكا عشان هي اللي تدوَّر علينا، غمَّت عينيها وبدأت تعد، وبدأنا ننتشر في القصر عشان ندوَّر على أماكِن نستخبى فيها، كالعادة نزلنا أنا وتابيثا للقبو عشان نستخبى فيه، القبو مليان كراكيب وحاجات قديمة تقدر تلاقي فيها أماكِن كتير تستخبى فيها بدون ما حد يلاقيك، أما جاك، ساندرا، ومايكل فطلعوا ناحية الأدوار اللي فوق.
أنا دخلت جوا دولاب قديم مكسَّر كان موجود في ركن من أركان القبو، أما تابيثا فحجمها الصُغيَّر سمح لها تدخُل في صندوق من الصناديق القديمة المحطوطة بإهمال في ركن تاني بعيد عني، دخلنا أماكِننا وسمعنا مونيكا وهي بتخلَّص عد، بدأت تدوَّر علينا، سمعنا صوت خطواتها بتقرَّب من القبو وهي بتقول: " جاهزين أو مش جاهزين.. أنا خلاص جايَّة "
كتمت ضحكتي بالعافية وأنا سامعها بتنزل على سلم القبو اللي كان بيزيَّق تحت رجليها، قالت بمرح: " أنا عارفة إنكم هنا! "
من كُتر ما لعبنا مع بعض، بقينا عارفين طريقة كُل واحد فينا في اللعب، وهي دي بالظبط طريقة مونيكا، بتدخُل كُل أوضة وهي بتقول: " أنا عارفة إنكم هنا! "
على أمل إن في مرة من المرات حد يقول لها: " آه صح.. أنا هنا، برافو عليكي "
والحقيقة.. إن دا عُمره ما حَصَل.
وقفت على آخر السلم وهي بتدوَّر بعينيها، كانِت خايفة تدخُل، والصراحة.. معاها حق، القبو ضلمة أوي وشكله يخوِّف أوي!
المُهِم.. لمَّا محدِّش مننا رد عليها، سابت القبو وطلعت تدوَّر فوق، كُنا على وشك نطلع من مكاننا، بس خُفنا تكون مونيكا عاملة لينا خدعة ومثّلت إنها ماشية، فقرَّرنا نفضل شوية جوا
واللي توقعناه حَصَل!
أو دا اللي كُنا فاكرينه، بعد دقايق سمعنا صوت خطوات نازل على سلم القبو، بس كانِت خطوات تقيلة، مش مُمكِن تكون خطوات مونيكا أبدًا، دا صوت خطوات حد كبير، أو.. أو وزنه تقيل
وبصوت مُخيف سمعناه بيقول: " جاهزين أو مش جاهزين.. أنا جيت خلاص! "
بصيت من ورا شيش درفة الدولاب وشُفته، أو بمعنى أصح شُفت ضله، كان ضخم ومتداري في الضلمة عشان كدا ملامحه مكانتش باينة، مشى ببطء لحَد ما قرَّب من الدولاب اللي أنا مستخبي فيه، وقف أدامه!
مش قادِر أشوف ملامحه من الضلمة، بس حاسس بقلبي هيُقف من كُتر الخوف، مكُنتش قادِر أسيطر على نفسي، حطيت إيدي على بقي عشان أمنع نفسي من إني أخرّج أي صوت غصب عني، بس صوت دقات قلبي كان عالي، مد إيده ببطء ناحية باب الدولاب وكان على وشك يفتحه..
لولا تابيثا اللي عيَّطِت بخوف من جوا صندوقها، على ما يبدو هي كمان كانِت شايفاه!
رجّع ايده وهو بيلف رقبته ببطء ناحية الصندوق، مشى ناحيتها، فتحِت الصندوق ونطت منه، حاولت تهرب، بس هو كان أسرع منها وأقوى منها، مسكها من رقبتها ورفعها لفوق وهو بيقول بسُخرية: " إنتِ مفكّرة نفسِك رايحة فين؟ "
ساعتها كان أدامي حل من إتنين، يا إما أفتح باب الدولاب وأضربه على راسه من ورا، يا إما أفتح باب الدولاب وأهرب من هنا بأقصى سُرعة، فتحت باب الدولاب وجربت ناحيته وأنا بصرُخ لحَد ما شُفت رجليه!
كان.. كان زي ما يكون طاير فوق الأرض، نصه اللي تحت شاحِب ومش واضِح!
وعلى الرغم من نظرة الخوف واللوم اللي ملت عينين تابيثا، إلا إن خوفي ورعبي كانوا أقوى، طلعت أجري على السلم ومنه لبرا القصر وأنا بصرُخ، ودا كان كفاية للباقيين عشان يهربوا معايا بدون ما يسألوا حتى فيه إيه!
موقفتش إلا ما وصلت البيت، كُنت بخبّط على الباب زي المجنون، مش قادِر أسيطر على نفسي، ماما فتحت الباب وسألتني فيه إيه؟
من بين دموعي ورعشة جسمي حكيت لها كُل حاجة، وهي اتصلِت بالشُرطة وحكت لهم كُل حاجة!
تابيثا اختفت، بدون ما تسيب أي أثر، الشُرطة دوَّروا عليها في كُل مكان بس للأسف.. كانِت اختفت!
بس لو مُتخيلين إن دا مش مُخيف بما فيه الكفاية..

فالشُرطة قالت إن مكانش فيه أي آثار أقدام في القبو غير ليا أنا وتابيثا بس! الشخص اللي شُفته دا مكانش سايب آثار أقدام وسط التُراب الكثيف اللي كان مالي أرض القبو!
وأنا دلوقتي خايف..
خايف يدوَّر عليا وياخدني زي ما أخدها!

.الشرح 

البنت اختفت تمامًا بدون أي أثر، الشُرطة قالِت إن البنت مُمكِن تكون هربت لكنهم بسبب نقص آثار الأقدام جوا البيت استبعدوا تمامًا فكرة إنها اتخطفت
لكن اللي حصل دا عزِّز فكرة إن البيت مسكون وإن الأولاد لمّا دنسوا البيت أو القصر - على الرغم من إنها مش أول مرة يدخلوه - الروح الموجودة جوا البيت انتقمت منهم وخطفِت البنت المسكينة للعالم بتاعها
في حين إن ظهرت بعض النظريات اللي بتقول إن الأولاد مسؤولين بشكلٍ ما عن اختفاء البنت وبيحاولوا يهربوا من المسؤولية عن طريق تلفيق القصة دي
لكن الحقيقة فين.. الله أعلم!
قولولي بقي إنتم شايفين مصير البنت إيه؟ أو ميّالين لأي وجهة نظر أكتر؟

قصص رعب 2حيث تعيش القصص. اكتشف الآن