المقدمة
ذات ليلة منعشة من ليالي فصل الربيع .. ساقها شغفها وعشقها للورود لتخطو داخل الغابة المحظورة .. التي يحرّم على سكان البلدة الدخول إليها .. بأقدامٍ متسارعة حينًا ومتثاقلة حيناً آخر سارت ( راوية ) ببصيرتها .. تتأمل الأشجار بقلبها وأحاسيسها .. وعلى إيقاع حفيفها الذي أسر لبّها تعمقت إلى الداخل .. إلى حيث ممنوع الاقتراب !! إلا أنها لم تعلم حجم المسافة الكبيرة التي قطعتها إلا حين أغشاها التعب .. فجلست قليلاً لتلتقط بضعًا من أنفاسها .. سكون المكان أثلج صدرها فدوماً كانت الطبيعة تداوي أعماقها .. وفي غَمرة الارتياح والسكون .. تهادى إلى مسمعها صهيل أحصنة .. فآثرت السير بإتجاه الصوت .. لينتهي بها المطاف أمام اسطبل خيول تعذر عليها رؤيته بعينيها الكفيفة !! ولكن معرفة أنه اسطبل لا يحتاج إلى البصر .. فالرائحة المألوفة للخيول و لمسات يديها التي تقودها دوماً لإستكشاف الأماكن وحفظها في مخيلتها كانت خير دليل لها .. ولجت إلى الداخل بخطوات بطيئة حتى لا تتعثر في مشيتها وتلمست بعض الأحصنة ولفتها صهيل حصان ذهبي اللون .. فداعبته ومسدت على رأسه وأذنه بطريقة مدروسة جعلته يصهلل ويرخي رأسه في علامة على استرخائه مغلقاً عينيه نصف إغلاقة .. فابتسمت وقالت بنبرة هامسة :-
مرحباً صغيري .. أنا ( راوية ) .. إحساسي يخبرني بأنك أشقر اللون لذا سأسميكَ أشقر .. !ربتت على رأس الحصان واستمرت بالحديث معه كما لو كان يفهمها فقد كان يتجاوب مع لمساتها الرقيقة .. وأثناء ذلك صدع صوت جهوري هادر يأتي من بعيد معنفاً :-
ستحاسب على إهمالك بشدة !وفجأة دوى صوت ضربات .. وصوت رجل آخر يستغيث متوسلاً :-
الرحمة سيدي ! الرحمة سيدي !هربت منها شهقة مجفلة لفتت انتباه ذلك الرجل لوجودها .. فاقترب من الإسطبل بعد أن ترك الرجل الآخر مدمى على الأرض .. ورمقها بنظرات متفحصة .. إلا أن الظلام كان يعم المكان فتعذر عليه استشفاف ملامحها .. فالتوى فمه بسخط وهتف قائلاً بعد أن خطى إلى الداخل وأشعل الضوء :-
مَنْ هنا ؟
أنت تقرأ
خادمتي راوية بقلم بيان الغول
Romanceوعلى سبيل الجنة التقينا !! فتسمرت مكاني معقود القلب متقد الوجدان أبكم اللسان مُلجَم الشفتين كالطفل الذي لا يتقن البوح .. حاصَرَتني بحضرتكِ الشجون فتشتتت مفرداتي ومُحيت القواميس على ضفاف حلقي .. سمعت حينها طنيناً أكاد أجزم وصول مداه عنان السماء فكيف...