الفصل الرابع
ها هو اليوم المنشود قد أتى .. اليوم سيُفتح القفص .. وتنطلق أجنحتها المقيّدة .. أنى لهذه المشاعر أن تترجم ؟ بالنسبة إليه استطاع أن يرى هذه المشاعر منعكسة على صفحة وجهها .. في تعابيرها .. في ابتسامتها الجميلة ! نعم خيلت إليه أنها الأجمل على الإطلاق .. في حماسها الزائد .. وفي ثرثرتها الغير اعتيادية .. استطاع عبر ذلك أن يرى الحرية تتجسد في هيئتها .. فكيف أطاعه قلبه أن يحاول تقييدهاا !!
سارا جنباً إلى جنب .. هي بخطى مشتاقة متحفزة .. بخطى تحملها وكأنها على أكفّ الريح .. أما هو فبخطى مترددة متكاسلة تحمل في بواطنها ذريعة بصرها .. !فكان يمشي الهوينا حتى يطول اللقاء الأخير ..
دفعته مشاعر دفينة إلى الذهاب معها شخصياً سيراً على الأقدام رافضاً قدوم أي من حراسه ..
:- لنسترح قليلاً ..
قالها متعشماً في البقاء برفقتها أطول فترة ممكنة .. لتجيبه بابتسامة :-
حسناً .جلسا والصمت يسيطر عليهما .. هو يتأمل ملامحها كما لو كان ينقشها في ذاكرته .. أن تنظر إلى أحدهم دون أن ينتبه لنظراتك هو أمر ممتع للغاية .. فماذا لو كان هذا الشخص لا يبصر ولا يعي شيئاً من تأملك لملامحه ؟ ..
سألت بطفولية
:- صف لي ماذا ترى أمامك ؟!صَمَتَ حائراً كمن ضُبط متلبساً بجرمه .. فأنَّى له أن يصف ما يرى .. أنى له أن يكشف حقيقة تأملها !
قال بعد هنيهة صمت وهو يتمعن عينيها قاصداً أن يصفها هي :-
السماء زرقاء صافية كما لم تكن من قبل .. زرقتها لائمت ما حولها بشدة .. وفي الأسفل منها تلة صغيرة ودقيقة وتدنو منها شجيرة كرز صغيرة شهية تدعو للتذوق ! وعند رؤية ذلك يخيل إليكِ أن هنالك هالة من الجاذبية تأسرك فلا تطيقين أن تبعدي ناظريكِ عن جمال الرؤية ..قالت متسائلة باهتمام :- وكيف تنمو شجرة الكرز في سفح تلة !
ليرد عليها محاولاً إقناعها :-
إن هذا من أجمل وأغرب ما رأته عيناي .. لا أعلم أي قدرة جعلت من ذلك ممكناً حدوثه فحدث !فقالت مندهشة وكأنها ترى وصفه :-
سبحان الله .. خلق فأبدع !ليكرر في سره قائلا :-
سبحان الله .. خلقكِ فأبدع !اعتدلت في جلستها قائمة ثم قالت بنبرة متحمسة
:- أيمكننا أن نتابع المسير الآن فلا أطيق صبراً ! اشتقت لعائلتي وبيتي الدافئليفعل هو المثل ويسير موجهاً إياها للطريق وبعد مدة من السير لاح له من بعيد البيت الذي وصفه له حارسه .. اقتربت النهاية وها هو يسير إليها بخطى ثابتة .. يقترب ويقترب وكأنه وصل إلى الرمق الأخير .. أما ( راوية ) فقد وصلت إلى أنفها رائحة زهورها وكأنها تستقبلها بعد المغيب .. وبجانب عفوي وطفولة تلقائية ركضت منادية أبيها ثم توقفت على كلمات رجل في العقد السادس من عمره عندما قال بحدة :-
من أنتم ؟ وماذا تفعلون بمزرعتي ؟
أنت تقرأ
خادمتي راوية بقلم بيان الغول
Romanceوعلى سبيل الجنة التقينا !! فتسمرت مكاني معقود القلب متقد الوجدان أبكم اللسان مُلجَم الشفتين كالطفل الذي لا يتقن البوح .. حاصَرَتني بحضرتكِ الشجون فتشتتت مفرداتي ومُحيت القواميس على ضفاف حلقي .. سمعت حينها طنيناً أكاد أجزم وصول مداه عنان السماء فكيف...