الفصل العاشر
وقفت راوية مأخوذة بخلابة الاطلالة من نافذتها .. فكانت الشمس ترسل خيوط أشعتّها الذهبية ناشرةً نورها الإلهي لتكمل جمال المشهد طامسة بذلك الظلام السرمدي الذي نثر ثوبه ليلاً .. نظرت إلى المشهد بعيون قلبها .. بملأ إبصار بنو البشر أجمعين .. وكأنها تريد أن تطبع صورته بذاكرة عينيها المشتاقة لزهوِ الألوان المتناثرة هنا وهناك .. ابتسمت واستمتعت وأسرفت بالاستمتاع بعظيم اللحظة .. ثم ما لبثت أن أعرضت عن ذلك عندما شعرت بضيق تنفس وألم في صدرها .. وبدأت تسعل بشكل مفاجئ دون توقف .. وبعد أن انتهت نوبة السعال .. حاولت استجماع أنفاسها اللاهثة وجلست على سريرها حتى شعرت أنها أصبحت على ما يرام .. دلفت إلى المرحاض وانعشت وجهها بالماء البارد ثم خرجت وارتدت ملابسها ووضعت حجابها واتجهت إلى غرفة ميران .. طرقت الباب بخفة وقد اعتراها الخجل عندما تذكرت اعترافها المباغت ليلة البارحة .. طرقت الباب مجدداً ولم تصلها أية اجابة ففتحت الباب ببطء وأمالت رأسها إلى الداخل فوجدت الغرفة تسبح بالظلام ولم تتبين إذا كان ميران في الداخل أم لا ..
اقتربت من النافذة بخطى حذرة .. وفتحت الستائر على مهل ليتسلل الضوء للداخل.. فتراءى لها طيفٌ عريض .. ضخم .. غارقٌ في سبات عميق .. اقتربت وجلست على طرف السرير .. واغدقت أنظارها إليه .. ابتسمت وهي تراه على هذه الحالة من اللاوعي .. التي قلما وجدتها بميران الثائر الصارم المشتعل الذي عرفته في الماضي ..
همست متأملة تفاصيله المستكينة :-
كم تبدو مختلفاً بهذا الاستسلام الفطري ..ولدهشتها وجدت رغبة مستعرة داخلها لملامسة خصلاته المشعثة .. ولم تجد بداً من تنفيذ هذا الرغبة .. ففعلت .. بلمسة حانية وأنامل مطبطبة ، وأردفت بصوتها الخافت :-
أتعلم ! أنت أوسم بكثير من ذلك الذي كنت أراه بمخيلتي .. ولكن لا أُخفيكْ .. أنت تملك ملامح حادة جداً وتبدو من الخارج ... ممممممم تبدو مخيفاً لمن لا يعرفك ..
ملامحك الارستقراطية لا تعكس أبدًا داخلك النبيل ..صمتت وأكملت مداعبة شعره ثم تابعت حديثها قائلة :-
أنت أشهم وأنبل شخص قابلته في حياتي ..
وأنا .. أُحبكَ كما لم أحب أحداً من قبل ..:- وانا أُحبكِ كما لم أحب أحداً من قبل راويتي ..
اشتعل فتيل متوهج في وجنتيها خجلاً عندما باغتها استيقاظه على حين غرة ومن فرط الاحراج استقامت واقفة وكادت تخطو مغادرة الا أن يد ميران كانت سبّاقة في إيقافها وإعادتها للجلوس ..
:- لطفاً لا تذهبي
جلست راوية على استحياء هاربة بعينيها عن مواجهته
:- إلى أين وصل حديثك ؟! مممممم دعيني أستعيده ...
قاطعت حديثه وقد أطرقت رأسها للأسفل قائلة :-
توقف عن ذلك ميران ..
أنت تقرأ
خادمتي راوية بقلم بيان الغول
Romanceوعلى سبيل الجنة التقينا !! فتسمرت مكاني معقود القلب متقد الوجدان أبكم اللسان مُلجَم الشفتين كالطفل الذي لا يتقن البوح .. حاصَرَتني بحضرتكِ الشجون فتشتتت مفرداتي ومُحيت القواميس على ضفاف حلقي .. سمعت حينها طنيناً أكاد أجزم وصول مداه عنان السماء فكيف...