الفصل الحادي عشر
الخاتمةبدأت راوية بتلقي العلاج الكيميائي لتدمير الخلايا السرطانية بعد أن خضعت لاستئصال جراحي للورم .. كانت خلال الفترة الماضية تمر بأوجع أيام حياتها وأفتكها ألماً .. ترى نفسها تتسرب من بين يديه بعجز .. ترى في عينيه الألم مختبئاً خلف غمامة بريقهما ولا تملك القدرة على إزالته .. فلا شيء يؤلم بقدر حب لم ولن يكتمل !! لكنها اليوم تشعر بتحسن ملحوظ .. فلا بد أن تحقق ذلك الخاطر الذي ما فتأ ينخر رأسها مؤخراً .. أوانه اليوم قد حان !
لم تغادر راوية المشفى منذ اكتشافها مرضها .. وكان هذا اليوم أشبه بيوم الحرية .. خرجت بجسد أرهقه الحب أكثر من المرض .. عادت اليوم إلى قصره صباحاً .. دون علم مسبقٍ له فقد سرقه العمل منها ..
كانت الشمس قد غربت منذ ساعتين .. تهادى إلى سمعها صوت محرك السيارة .. فاضطربت نبضاتها .. وارتجفت أوصالها .. وغمرها فيض من المشاعر ..
ولج إلى الداخل بخطى مرهقة .. وما أن فتح باب حجرته حتى داهمته زوبعة من الأحاسيس على حين غَرّة .. واتقدت في وجدانه أطنانٌ من المشاعر .. رآها تجلس على طرف السرير بثوبٍ أبيض يتهادى في قوامها البديع .. فكانت آيةً في الجمال .. تكوينها الليلة كان خُرافيّ أحدث ضجيجاً في الفؤاد .. وسحرها سلب الوجدان .. رأى بحار العالم أجمعها منعقدة في عينيها .. وشفاهٌ زيّنها لون قرمزي
وشعرٌ مسترسلٌ بتموجات فوضوية زادتها أنوثة .. وباقةٌ من الورود راكدة بين أناملها فكانت طاغيةً في الاغراء ..اقترب منها فأصبح يفصل بينهما بضع سانتيمترات فاعتدلت واقفة .. وصمت اللسان لتتكلم العيون بأفصح لغة واعمقها فطال الحديث .. ومر زمن التأمل مديداً .. ثم آن أوان البوح
:- سلامٌ على قلبي من فتنة عينيكِ وهي محدقة بي !!
:- صدى خفقاتكَ يرتد إلى قلبي فيدوي عنيفاً داخل أضلعي .
ثم يصمت كلاهما فتتورد الحدائق الغناءة في وجنتيها ، وبخجل أنثى غازية محتلة قالت :-
اليوم سأكون عروسك ..!قبل أن يدركني الموت .. سأكون عروسك .. سأكون قدر استطاعتي الحب الذي تستحق أن تعيشه .. سأكون الروح التي تغلف جسدك ..
أجابها بتأثر :- أُفٍ راوية !! هذا كثير عليّ !!!
:- أنت بحاجة اليوم أن تسمع أكثر من أن تتكلم !
صمتت برهة ثم تابعت :-
هي ساعة واحدة تفصل بيننا .. زفافنا سيتم الليلة .. لأني .. لأني احتاجك قربي وأحيا بقربك .. الليلة عاهدت نفسي أن أطلق العنان لقلبي ومشاعري .. وإن باغتني الموت فيكفيني أن أموت على صدرك ..:- هششششش راوية لا تتكلمي عن الموت ثانية ..
:- عليكَ أن تتأهب دوماً ميران فهو كأس لا بد للجميع أن يتجرعه .. والآن دعنا لا نتحدث مطولاً ونهدم جميل اللحظة .. هيا استعد فأمامك ساعة فقط ..
أنت تقرأ
خادمتي راوية بقلم بيان الغول
Romanceوعلى سبيل الجنة التقينا !! فتسمرت مكاني معقود القلب متقد الوجدان أبكم اللسان مُلجَم الشفتين كالطفل الذي لا يتقن البوح .. حاصَرَتني بحضرتكِ الشجون فتشتتت مفرداتي ومُحيت القواميس على ضفاف حلقي .. سمعت حينها طنيناً أكاد أجزم وصول مداه عنان السماء فكيف...