الفصل الثاني
في صبيحة اليوم التالي هبت ( راوية ) من نومها فزِعة على إثر طرق عنيف على الباب .. خاطبتها ( أيلول ) بصوت خافت قائلة :-
اذهبي إلى القبو بسرعة هنالك مجموعة من الرجال في الخارج سأصرفهم وأعود إليكِ !امتثلت ( راوية ) لشقيقتها بذعر وتوارت عن الأنظار ، أما ( أيلول ) فَزَمّتْ شفتيها بحنق ومشت بخطوات واثقة نحو الباب ، وتسمرت أمامها عندما رأت رجلاً يبدو من هيئته الثراء الفاحش ، يحيطه خمسُ رجال ، جميعهم متشحين بالسواد .. ضخام الجثث .. وجوههم جامدة متجهمة وكأن الدم لا يسري في عروقها .. ذلك الرجل كان يتأملها .. من رأسها حتى أخمص قدميها .. هو الآخر كان يقف متسمراً وقد لفته جمالها .. جمالٌ فريدٌ من نوعه .. فتاةٌ بيضاء البشرة ذات شعر طويل جداً بندقي اللون خالطته شعيرات ذهبية ألقتها الشمس عليها لتزيدها فتنة .. تملك عيون زرقاء واسعة وأنفٌ دقيق لائمها كثيراً .. باختصار كانت لوحة إلهية أبدع الخالق في تكوينها ..
سألت بحيرة وقد أغضبتها نظراته المتفحصة :-
كيف أستطيع خدمتك ؟ابتسم ابتسامة ذات طابعٍ أرستقراطي لا تشابه أبدًا ما تراه يرتسم على وجوه المزارعين والفلاحين الشاحبة المغبّرة و الملطخة بحبيبات الرمل ، والذين تعمل معهم في حصد المحاصيل الزراعية برفقة والدها .. هي وبنات البلدة ونسائها ورجالها ..
قال لها بعد هنيهة من الصمت والتأمل والافتتان :-
أهذا بيت السيد ( سنان ) ؟ردت باقتضاب :-
نعم .. ! أنا ابنته ، كيف أساعدك ؟نظر إليها بحدة ثم قال :-
هل يوجد غيرك هنا ؟سؤاله أخافها بعض الشيء ولا تعلم لما تردد في مخيلتها دخول ( راوية ) إلى الغابة المحظورة فقالت :-
كلا ، أنا ابنة السيد ( سنان ) الوحيدة .. !!:- ما اسمك ؟!
قالها بفضولٍ جلي ارتسم على ملامحه لترد عليه بحدة قائلة :-
من أنت ولِمَ تسأل كل هذه الأسئلة ؟!ابتسم ابتسامة جانبية عابثة وقال بتلاعب :-قطة حادة الطباع ! يعجبني ذلك .. !
أجابته بشهقةٍ غاضبة :-
يالفظاظتك !التفت إلى رجاله وأشار إليهم للعودة إلى سياراتهم المصطفة جانباً ثم استدار إليها وأردف قائلاً :-
وداعاً يا ....... يا قطة !وخطى دون أن يعطيها مجالاً للرد فبادره أحد حراسه بالحديث متسائلاً :-
لماذا لم نحضرها سيد ( إيفان ) ؟! إنها تملك عيون زرقاء كما يريد السيد ( ميران )!؟نظر إليه ( إيفان ) نظرات محتدة وقال ببرود شابهُ الحنق :-
هذا ليس من شأنك !أطرق الحارس رأسه للأسفل قائلاً :-
المعذرة سيدي ..*************************************
عادت ( أيلول ) إلى الداخل وقد أصابها الحنق والخوف في آنٍ واحد .. وأخبرت شقيقتها بما حدث لتنتقل عدوى الخوف إليها .. تجلت صورته في مخيلتها وهو مسجى على أرضية الإسطبل غارق بدمائه ، فاقدٌ للوعي .. ارتدت إلى الوراء بصورة عفوية وكأن ذراعه تمتد إليها مجدداً ، وقد لاحظت ( أيلول ) ذلك فقالت متسائلة :-
ما بكِ ؟!
أنت تقرأ
خادمتي راوية بقلم بيان الغول
Romanceوعلى سبيل الجنة التقينا !! فتسمرت مكاني معقود القلب متقد الوجدان أبكم اللسان مُلجَم الشفتين كالطفل الذي لا يتقن البوح .. حاصَرَتني بحضرتكِ الشجون فتشتتت مفرداتي ومُحيت القواميس على ضفاف حلقي .. سمعت حينها طنيناً أكاد أجزم وصول مداه عنان السماء فكيف...