الفصل| 10

6.5K 745 801
                                    

كلَّفت نفسي أكثَر مِمَّا تسعُه، حينَما قرَّرتُ ارتِداءَ الزِّيف، وارتِيادِ عيونِ الملأ، كأنِّي بخير، رغمَ أنِّي لستُ كذلِك على الإطلاق

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

كلَّفت نفسي أكثَر مِمَّا تسعُه، حينَما قرَّرتُ ارتِداءَ الزِّيف، وارتِيادِ عيونِ الملأ، كأنِّي بخير، رغمَ أنِّي لستُ كذلِك على الإطلاق.

بينَ الخلوة والخلوة، حيثُ ينصرِف الجميعُ إلى أشغالِهم، ويكفُّونَ عن اقتِفاءِ آثار الذُّبولِ فيَّ إلى ما أُخفيه، آخذُ قِسطًا مِن الحقيقة، وأُفرجُ عن تنهيدةٍ مُشبعةٍ بالألم بينَما تتشبَّث يداي بأيَّة حافَّةٍ صلبةٍ تعترِض طريقَهما، ثُمَّ أُبدِّل أزيائي الَّتي بلت لفرطِ ما اختَرقتها الذِّكريات المشحوذَة بداخِلي، كما تُبدِّل الحيَّة جِلدها... ظننتُ أنِّي نِدٌّ لمُواجَهة الأيَّام، والصُّمودِ أمامَ غاراتِها الَّتي تُباغِتني في أوقاتٍ غير مُناسِبة، لكِنِّي أضعَف مِن أن أحمِل ذنبًا مِثل الخِيانَة، وأتقى مِن أن أستمِر في خِداعِ نفسي، حتَّى ولو تحتَّم عليَّ ذلِك.

لم أسلَم مِن أسئِلة السيِّدات المُتعلِّقةِ بغيابي ليومين كامِلين، كُنَّ قلقات عليّ لأنِّي لم أُعلمهنَّ عن أخذي لإجازةٍ سابِقًا، كذلِك لم ينقطِعن عن زرعِ المخاوِف برأسي، قائِلات أنِّي مِن المُحتَمل أن أُطردُ إذ تجاوزتُ القوانين، وتصرَّفتُ مِن تلقاءِ نفسي، وما استأذنتُ الرَّئيس، كأنِّي ربَّة عمَلي.

وضعتُ ذلِك الاحتِمال بالفعل، قبل أن أُقرِّرَ استِئنافَ حياتِي، كي لا أمنَح الخيبَة أحطابَ أملٍ أُخرى لتعظُمَ ألسِنتُها لحظةَ الاشتِعال، موقنةٌ أنِّي لستُ محظوظةً كِفايةً لأُقابَل بالتَّفهُّم، ولا ضروريَّة ليصعب عليه التخلِّي عن خدماتِي.

لقد عرضَ عليَّ الكولونيل مُساعَدته دونَ أن أطلُبَها، وكُلَّما تردَّد صوتُه بينَ تلافيفِ دِماغي، أغمضتُ عينيّ كأنَّه نغمةٌ موسيقيَّة عذبةٌ تدفَّقت بأذُني، لماذا لا يكُفُّ عن جعلِ قلبي يُرفرِف في أجوائِه، بعدَ أن سئِم مِن التَّحليقِ فوقَ أرضِي المُقفرة، يجعلُني أستصعِب الحِفاظَ على قرارٍ حسمتُه بعدَ ساعاتٍ معتمة، كأنَّه يعتِّم عليَّ لأظلَّ رهنَه!

فكَّرتُ بينِي وبينَ نفسي، في حالةِ ما إذا استُؤصلت مِن وظيفَتي، لن أطلُبَ منه أن يلحَمني بِها، ربَّما أستحقُّ خسارةَ كُلّ ما يربِطني بالحياة، جزاءً على ما زرعتُه مِن حماقات بأنانيَّة، وعلى انتِهاكِي لمساحتِه الشَّخصِيَة، قد أشعُر بقليلٍ مِن التحسُّن إن فديتُ ثلاثتهم بمنبعِ رِزقي... ها هُو ذا المسؤول عن المَطبخِ يدلِف بوجهٍ مُتجهِّم، بدنُه الغير مُتناسِق محشورٌ بجوف بذلةٍ سوداء، وعلى جسرِ أنفِه تثِب نظَّاراتُ مدوَّرةٌ صغيرَة.

جسَد || Bodyحيث تعيش القصص. اكتشف الآن