الفصل| 30

6.1K 621 807
                                    

يمضِي الزَّمن ثانيةً بثانِية، ولكنَّ الحياةَ تمضِي يومًا مِن الصَّفوة، بفصلٍ قاسٍ النَّكبات رغمَ أنَّ قوامَه يُضاهِي ما سلَف، لا يزيد أو ينقُص عنه ولو بثانية، وإن أحصينا البكوات الَّتي صرفناها في حَناياه، لاحتِرنا ما إذا كان الوقت قد طغَى على شواط...

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

يمضِي الزَّمن ثانيةً بثانِية، ولكنَّ الحياةَ تمضِي يومًا مِن الصَّفوة، بفصلٍ قاسٍ النَّكبات رغمَ أنَّ قوامَه يُضاهِي ما سلَف، لا يزيد أو ينقُص عنه ولو بثانية، وإن أحصينا البكوات الَّتي صرفناها في حَناياه، لاحتِرنا ما إذا كان الوقت قد طغَى على شواطِئه بتلكُّؤ، ولفَظ ما في أحشائِه دُفعةً واحِدة دون حقّ، أم أنَّنا مَن حُبِسنا في زِنزانَة اللَّحظَة الدَّاجِية، وفقدنا الشُّعور بقطراتِه الَّتي تلطِم أسقُفَنا دونَ انقِطاع، فما ميَّزنا بينَ نهارٍ وليل.

بالشَّجن يغصُّ الزَّمن، ويسعل ساعاتِه المَريرَة على أوجُهنا، ملطِّخًا أساريرنا المُنبسِطَة برضابٍ يكوي، وعِند حواجِز الوَجل يرتكِن موكِبه، ريثَما يتفقَّدُ جُندَه كُلَّ ما تحويهِ مركَباتُه مِن خيارات، فيتعطَّل.

يضربُنا الدَّهر بأعظَم هواجِسنا مهما تأخَّر، كأنَّها الورَقة الرَّابِحة الَّتي أبى إلَّا الاحتِفاظَ بِها، حتَّى تدنُو النِّهايَة مِن مرافِئنا ليقلِب المَوازين، ويُقهقِه مُتفكِّهًا بجُحوظِ الأجفانِ الَّتي أعدَّت لعُرس النَّصر أهازيجَ فخر بينَما تُرتِّب سحنتها لاستِضافَة مأتم فاحِم، يملؤُه زفيرُ الإجهاشُ ونَدى العويل. وتهيل الخَفقاتُ مِن أفئِدتنا، مثل تُرابٍ على وشكِ الانجِراف، لأنَّ كيدَه فاقَ كُلَّ ما أعدَّته لهُ مِن كِفاح، ولأنَّنا ما أخَذنا الغُبار الَّذي أعمى عُيونَنا على محملِ الجدّ، ظنًّا أنَّه رحيقُ الهَوى، إلى أن رُدمنا تحتَ أنقاضِ الوغى، وانسلَّت المُهجَة مِن أفواهِنا.

الهواجِس ألغامٌ تزرعُها الحياةُ فينا، تُرغمِنا على توخِّي الوَجل، قُبيل أيَّة خُطوةً نطرحُها في حُقولها، لا ندري ما إذا كُنَّا سنعقُبها سالِمين أم مبتورين، فنعيشَ على شَفا ربكَة، ريثَما تسنُّ قرارَها؛ إمَّا أن تُنجينا وإمَّا أن تُفجِّرها فينا، فتتطايرَ أشلاؤُنا مِن الجُفونِ، بعضُها يثوي الخُدودَ، والبَعض الآخر يعلقُ بالأهداب في كبرٍ إلى أن يجفّ.

كُنت هامِدة أمامَ جينوو الَّذي اكتَشف حقيقَتي الشَّنيعَة مِثل الجُثمان، حيثُ اعتَرتني أسرابٌ مِن الأحاسيس، سوَّدت سمائِي، فما اقتَدرت أن أقرأ ما خُطَّ على نواصِيها، جَف فُؤادِي كأنَّه يُجلي أورِدته مِن أهلِها استِعدادًا لإعلانِ نفسِه أرضًا منكوبة، لا حياةَ بينَ ربوعِها، وما تزالُ أنامِلي مُتعاقِدة حولَ مِقبض الباب، مِن المُحتَمل أن أفقِد توازُني لو أعتقتُه.

جسَد || Bodyحيث تعيش القصص. اكتشف الآن