الفصل| 17

6.3K 733 1.1K
                                    

نحنُ نضمُر رويدًا رويدا، ولكنَّنا نُتقِن الادِّعاء، مِثل الحياة، تحمِل على كاهِليها جميعَ الأعباء، بينَما تتخلَّع في صِراطِ الزَّمن كحسناء، دون أن يشعُر أحدٌ بتقدّمها في العُمر وإرهاقها، رغمَ أنَّها قد بلَغت فيه عتِيًّا، فيومًا ما سينتَهي الكون!

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

نحنُ نضمُر رويدًا رويدا، ولكنَّنا نُتقِن الادِّعاء، مِثل الحياة، تحمِل على كاهِليها جميعَ الأعباء، بينَما تتخلَّع في صِراطِ الزَّمن كحسناء، دون أن يشعُر أحدٌ بتقدّمها في العُمر وإرهاقها، رغمَ أنَّها قد بلَغت فيه عتِيًّا، فيومًا ما سينتَهي الكون!

تُبهِرني الحياةُ بحِكمتها، كيفَ تطوي على الأيَّام الَّتي دنَّسها حِبر الأشجان ببرود، كأنَّها صفحاتٌ مِن كتاب بالٍ، تُبهرني بشموخِها رغمَ جميعِ الآهات المُتمخِّضة بداخِلها، ورغمَ الأسقام، يُشفى فيها عضو، يشتكي الآخر، يصحّ رُكن، يتلف غيره. ليتني أستطيع تكبيل فكري، والهربِ خارج هذه الحرب الأهليَّة المُقامة في سراياي، بوجهٍ سليم، ليتني أظلَّ بنظرِ الجميع ربَّة البيت المُتفانية، والمرأة الصامدَة الَّتي لا تهزُّها النَّكبات رغم أنّي مُجرَّد كوكب فتَّان تسرح حوله مواكِب مِن الأكاذيب.

أنا عاجزةٌ عن التَّوفيقِ بينِي وبينِي، عاجزة عن انتقاء صفِّي، أأنحازُ إلى روحي المصلوبة على عمود الواقِع، وأبكيها علانية لعلِّي أتفرَّغ من الغُصص الَّتي تخنقني، أم إلى نفسي المُتسلِّطة، تفرِض عليَّ قوانين النِّسيان، الكتمان، كذا الحرمان. أعليّ أن أحفر في الأمل بكفيّ العاريتين، وأطمِر أحزاني بتُرابه الشَّحيح، وما هُو بقادر على سترِها، أم أن أنحَت بإزميل الصَّبر ابتسامة زائفة ولو كلَّفتني دمائي؟

حينَما سألني: هل تُحبِّينني، تساقطَت مُذنَّبات الذَّنب في صدرِي، وعاثَت بي فسادًا، تسارَعت نبضاتُ قلبي كأنَّها خُيولٌ في مِضمارِ السِّباق، يمتطيها الذُّعر، فزَّ بدَني ثُمَّ بجُبنٍ فرَّ الوعيُ مِنّي وأُغمي عليّ.

صحوتُ على ضوءِ المِصباحِ المُثبَّت بالسَّقف، نوره باهت جدّا كأنّه عجوز، تدفَّقت رائحَة المُعقِّمات القويّة بحواسي، أدركتُ حينَما اكتَمل تكوُّن الوعيِ بجوف جُمجُمتي أنِّي في المُستوصف العسكريّ. تعرَّضت للتَّوبيخِ مِن قِبل الطَّبيب جيون الَّذي اكتشَف الجروح في مِعصمي، وهو يفحصني مُفتِّشًا عن العِلَّة بينَ دهاليزي. اهتدى على الفورِ بأنَّها ليسَت أثرَ اعتِداء بل حصيلةَ خيبةٍ داخليّة فتَّاكة. أطرقتُ برأسي، إذ طرَقه الأسى، واعتَذرتُ على ذنبٍ ارتَكبه القدر بحقِّي، وما تاب، ثمَّ غادَرت. كانت الشَّمسُ على وشكِ أن تُعانِق الغرب، أتساءَل ما العظيمُ بشأنِه، ليُغريَها حتّى تخون السَّماء في كلّ أمسيَة رغمَ أنَّه يتربّص بضِياها، تمامًا كما أغرانِي الكولونيل؟

جسَد || Bodyحيث تعيش القصص. اكتشف الآن