اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.
عينايَ جُرحانِ أبديّان ينزِفان بصرًا.
أحيانًا أتمنَّى لو أنِّي ضرير، لا يتدفَّقُ النُّور بداخل جفنيّ، على الأقلِّ لن يجلِدني القُنوط لأنِّي لم أُبلِ أحسنَ مِمَّا أبليتُه في حلِّ معادَلاتِ الهويَّة، واكتِشاف المجاهيل، انطِلاقًا مِن معطياتٍ شحيحَة، بعُذر أنِّي حبيس ظلامٍ دامس يبتلعُ الحقيقَة، ويحول بينِي وبينَ إصابَة الحلّ في جميعِ الأحوال. أستشيطُ غيظًا كُلَّما أخطأتُ معارِفي، وكُلَّما أُرغِمت على التجبُّر لجبرِ نقصي، وإيهامِ الغافلين عن علَّتي، بأنِّي أرفعُ مِن أن أراهُم، أو أذكرهم!
سأشعر بالعار أمام نفسي، إذا ما اكتشفتُ في يومٍ من الأيَّام أنِّي قد طُعنتُ بخنجر الغدر في صدرِي، وأنا مستأنسٌ ظنًّا أنَّها إبرٌ صديقة، انهالت عليَّ لترقَع الثُّقوبَ في ساعاتِي، لا أدري ما الَّذي سيصدُر عنِّي لو تيقَّنت بأنِّي قد خُدِعت حقًّا، لا أستبعِد أن يشقَّ رجُل الحروبِ المدفون بداخِلي قبرَه، ويحصدَ الأرواحَ مِن جديد، مُحييًا أيَّامًا خلَت!
أخبَرتني سومين، قبل أن يلفِظ جدالُنا آخر أنفاسه، أنِّي كُنت مخمورًا، فكيف أسوِّل لنفسي الحُكمَ بناءً على أضغاثِ أوهام؟
ليسَت مُخطِئة تمامًا، فكُلّ ما بينَ يديَّ أدلَّة ظرفيَّة، غيرُ قادِرة على توثيق شكوكي، أنا كولونيل ولي في التَّحقيق خبرة عريقة، أعرفُ جيِّدًا أنِّي بحاجةٍ إلى الحفر عميقًا، لكنَّها زوجَتي، وليسَت متَّهما عشوائيّا أو جاسوسًا، لأستخرِجَ الكلِم مِن جوفِه بالسِّياط، ربَّما حِدتُ عن المنطِق بينَما أفتِّشُ عن تفسير مقنعٍ للتغيُّراتِ الَّتي التَمستُها، فمهما بلغت مِن الطَّيش والغباء، لن تُخاطِر بإرسالِ امرأةٍ ترتَدي ثيابًا غاويةً إلى غُرفَتي آناءَ اللَّيل!
يُمكِنني التحكُّم بكُلِّ ما حولي، يُمكنُني تحريك خيوطِ الجميع كما لو أنَّهم دمى ماريونيت تحتَ رحمةٍ أصابِعي، إلَّا ارتِيابي، فهُو الَّذي يُدير عقلي، وما إن ينفرجَ جفناه فلن يغمضَا إلى أن تُختَم تساؤُلاتُه بنقطة، لا علامَة استِفهام. لطالما شكَّكت في أدنى حركةٍ تصدر عن غيري، رغمَ أنِّي بذلك أظلم نفسي أوَّلا، ولطالما سمحتُ للتَّفكير بالاستيلاء على حِصَّتي مِن النّوم، وإرهاقي.