الفصل السابع

19.7K 858 30
                                    

°°~ دُمية مُطرزة بالحب ~°°
"الفـصل السـابع"

أيام قلائل..
أيام فصلت بينها وبين لحظتها تلك، تشعر بنفسها تتنفس براحة لم تستشعرها منذ فترة طويلة، كأن همًّا كان يجثو على صدرها وتفتت بمجرد أن حصلت على وثيقة خلاصها..
مُطلقة.. تلك الوصمة التي تُعيّر بها النساء في مجتمعنا، ولكنها وسام شرف لها تحس بقيمته الكبيرة.
جمعت "ملك" شعرها القصير بضيق وهي تتذكر تلك اللحظات المُهينة التي تعمد فيها إذلالها، نفضت رأسها محاولة نسيان ذلك الحقير الذي كان زوجها يومًا، وتأهبت للخروج من غرفتها القديمة التي اشتاقت لها، حينما كانت تقضي أغلب الوقت فيها برفقة عمتها "هبه".

كان "إبراهيم" يحلي بالخارج والحزن مُخيمًا عليه، گالذي انشغل عقله بأمر صعب لا يستطيع الخروج منه.. وقبل أن يهمّ بإشعال سيجارته كانت "ملك" تلتقطها من فمه و :
- أمبارح طول الليل مبطلتش كحة بسبب السجاير يابابا، كفاية

وجلست أمامه :
- أحضر الفطار؟

كانت نظراته لها غريبة، لم تفهم مغزاها الآن، ولكنه لم يطل فيها.. أجفل بصره وهو يردف :
- ناويه على إيه ياملك بعد ما نفذتي اللي في دماغك!؟

كانت تودّ لو إنها تُخبره عن أحلامها وأمانيها، ولكنها تعلم إنه ليس الإنسان الذي سيتقبل آرائها وطموحاتها الواسعة بسهولة.. فـ قررت تأجيل الإفصاح له ريثما تكون مستعدة لمجابهته.. وحاولت أن تقنعه بعدم تفكيرها في المستقبل بعدما حدث معها :
- مش عارفه، أديني قاعدة معاك وواخدة بحسك

فـ تنهد "إبراهيم" و :
- بس انا مش هعيش ليكي العمر كله ياملك، خلاص مش فاضل كتير

انقبض قلبها من تلميحاته الصريحة و :
- بعد الشر ربنا يبارك في عمرك يابابا
- ده مش شر، الموت علينا حق.. وأنا خايف أسيبك في الدنيا لوحدك

تضايق صدرها كثيرًا من مجرد فكرة فقدانه وأن تكون جزعًا لا حياة فيه، ابتلعت ريقها وتناولت زجاجة المياه وهي تقول :
- متقولش كده.. مش عايزاك تخاف عليا، طول ماانت معايا كل حاجه سهله يابابا

أضاء هاتفها بدون صوت حيث كانت خاصية الصمت مُفعلة به.. بدت مرتبكة مع رؤية الإضاءة وأسرعت تمسك به، فسألها "إبراهيم" :
- مين بيكلمك بدري كده؟

فـ نهضت عن جلستها و :
- دي نغم، هرد عليها جوا عشان كانت عايزاني في موضوع

ودلفت للداخل في عجالة.. وكأنه لم يقتنع، تغير لون وجهها والتوتر الذي تجلّى على معالم وجهها جعله يشعر بالقلق حيالها.. واستجاب لفضوله اللحوح وراح يتلصص عليها كي يستكشف ماذا تدخر خلف توترها.
وقف أمام باب غرفتها الموصد وحاول يستمع لبعض كلماتها الخافتة، فـ التقطت مسامعه عبارة واضحة :
- مش هعرف اكلم معاك طول ما بابا موجود، لما ينزل هتصل بيك

ارتفع حاجبيه وحدقت عيناه في ذهول، خاصة حينما أستمع لباقي العبارة :
- حاضر هاجي، بس شوية كده

~دُمية مطرزة بالحُب~حيث تعيش القصص. اكتشف الآن