الفصل التاسع والستون -الجُـزء الثـانـي-

16.1K 933 25
                                    

°°~دُمية مُطرزة بالحُب~°°    —الجُـزء الثـانـي—
"الفصل التاسع والستون"

"إن أوقظت أسد نائم، عليك أن تتحمل دويِّ زئيرهِ."
_________________________________________
حتى وإن لم تحصل على مرادها الذي ركضت من خلفهِ منذ البداية، مجرد إصابة "ملك" واحتمالية موتها وفقدان "يونس" لها، أججت زهوة الإنتصار المؤقت في صدرها، أحست وكأنها ترد الصفعة التي ضربتها هي بنفسها لنفسها، حينما ظنت إنها ستتخلص بسهولة من "يونس" وإذ بها تخسر ابنتها الوحيدة بدلًا عنه.
لم تبدو "غالية" متوترة أو ما شابه، لم تنفعل أو تفقد أعصابها بعد فشل مخططها الحقير، مما استرعى ذهول "زهدي" الممشوج بـ غيظهِ منها.. ران إليها بنظراتٍ مُبهمة، ثم سأل بلهجة محتقنة :
- أنتي مبتسمة ومبسوطة على إيه!! أنا مبقتش فاهمك ياغالية.. من ناحية مأخدتيش الحصان، وناحية تانية الراجل بتاعنا في أيد يونس، وناحية تالته البت اللي اتصابت وبيقولوا إنها بنت عمه!

ثم هبّ واقفًا بـ اندفاع وهو يتابع :
- إحنا كده رايحين في أبو نكلة "داهيه"!

فـ وقفت "غالية" عن جلستها المستريحة، وبقيت قبالتهِ واقفة بثبات وهي تقول بفتور شديد :
- الضربة دي لوحدها انتصار، إحنا كده هنخلي يونس يلف حوالين نفسه

فـ لم يتفق معها في الرأي و :
- لأ وانتي الصادقة، ده هيلف حوالينا احنا!

وتأفف منزعجًا منها وهو يستطرد :
- غالية لو عايزانا نكمل في القصة دي، لازم تفهميني هدفك الحقيقي.. أنتي مبقتيش عايزة مجرد فرسة ، أنتي بالشكل ده عايزة يونس نفسه

فـ اجتزّت على أسنانها بكراهية لم تواريها، وأردفت بـ :
- ياريت أطوله، على الأقل أشفي غليلي وآخد حق بنتي

فـ ضحك "زهدي" مستخفًا من زاوية فمهِ، مستنكرًا عليها تصديقها لتلك الكذبة :
- ما تضحكي على حد تاني يالولو، حق مين اللي تاخديه!

ودنى منها بضع خطوات وهو يتابع بصوت أخفضهُ ليكون وقعهِ أكثر تأثيرًا :
- الله يرحمها انتي السبب في موتها، لو نسيتي أفكرك.. ده انا بنفسي اللي مدبر الواد بتاع البوفية اللي دس السم في الأكل عشان يطفحه هو.. بس ربنا ردها في البت وحرمك منها

توقدت النيران في صدرها، وتصارعت لـ تنهش في ضلوعها بلا رحمة، مع تذكر تفاصيل تلك الحادثة التي أنهت فيها حياة "هانيا" بيدها؛ يزداد سعيرها الذي تعيش فيه منذ ما يزيد عن ثلاث سنوات.
امتلأت نظراتها بالشر الدفين، وتفوهت بكلماتٍ ما زالت تقنع نفسها بإنها حقيقة :
- هو السبب، لولاه كان زمان هانيا في حضني

أشاح "زهدي" بيدهِ تعبيرًا عن قنوطه من سماع أكاذيب تصدقها وحدها، وابتعد عنها وهو يغمغم بسخطٍ :
- لسه مصدقة نفسها وهتودينا في داهية!

ومشى صوب الباب ليخرج ويتركها تعيش في الأوهام وحدها، لم يتحمل سماع تراهاتٍ أكثر من ذلك ، بينما هو أعرف الناس بالحقيقة، وبـ خبايا المستور الذي ما زال طي الكتمان لا يعلمه أحد.. لكن حتمًا لن يظل على وضعيتهِ السرية تلك، سينكشف مهما مضى من وقت، حينها سينال كُل ذي حقٍ حقهِ.
............................................................................
نظر إليها من مسافة بعيدة حينما كانت "كاريمان" بالداخل تطمئن عليها، ظنّ إنه سيتلهف للدخول ليطل عليها بعيناه ويُشبع فقرهِ المُدقع للنظر إليها.. لكن قلبهِ لم يتحمل، لم يقوَ على رؤيتها في تلك الحالة التي يعتبر نفسهِ جزءًا منها، وحبذ أن يكون بعيدًا.. على الأقل الآن.
تحسس (الكوفية) الصوفية التي يمسك بها، ونظر إليها وكُلهِ رجاء، أن تنهض "ملك" من رقدتها وتُلبسهُ إياها بيديها.. تنهد بثقلٍ حاول أن يرميهِ عن عاتقيهِ، وأطبق جفونهِ هامسًا :
- يارب

~دُمية مطرزة بالحُب~حيث تعيش القصص. اكتشف الآن