من جعلني أعود ...

449 44 89
                                    

بعد مضي ستة أشهر في إمبراطورية فاكت
بعد مضي ثلاثة أشهر في العالم الواقعي

العالم الواقعي

أتسائل متى أصبحت الحياة بلا ألوان ..متى بدأت برؤيتها بلوني الأسود والأبيض فقط ..أغلق عيناي فأتذكرك ..أغلق عيناي فتظهر صورتك فحسب في بالي ..ومجدداً تنتابني رغبة بالبكاء ..اشتاق إليك ..اشتاق إليك ..أريد رؤيتك رو ..إمبراطورية فاكت أصبحت سراً بيني وبين رو .. سرنا الذي فضلنا ألا نشاركه أي أحد ..
سرنا الذي لم يعرف اي شخص بشأنه ..

- انسة ولند !

اجفلت مي من صراخ أستاذ الجامعة المفاجئ ..كان جميع زملائها ينظرون إليها كما لو أنهم ينتظرون ردة فعلها ..نظرت مي إلى الأستاذ ببرود بينما هو يحاضرها عن لزوم التركيز في المحاضرات وما إلى ذلك ..تنهدت مي بتململ لتنهض وتقول :
سأغادر لليوم ..لدي ما اقوم بفعله لذا أعذرني .

خرجت من القاعة تحت همسات الطلاب وغضب الأستاذ ..ولكن كل هذا لم يكن يهمها ..لقد مضت ثلاثة أشهر ..ثلاثة أشهر كاملة من دون أن تراه ..ثلاثة أشهر وهي تحاول أن تعود إلى إمبراطورية فاكت دون جدوى ..هي الوحيدة التي ما زالت تتذكره ..نسيه الجميع يشمل ذلك والديه حتى رينا لم تتذكر أي شيء عنه أو عن امبراطورية فاكت حتى ...
لماذا عادت إلى هنا فجأة ؟..لماذا لم تعد تستطيع العودة إلى إمبراطورية فاكت ؟..لماذا في ذلك اليوم عادت ؟..لماذا في تلك اللحظة ؟..لا تستطيع نسيان وجهه وهو خائب الأمل ..لا تستطيع إبعاده عن ذاكرتها ..لماذا ..أبدى ذلك التعبير لها ؟..لماذا كما لو أنه توقع أن هذا سيحدث ؟!

شددت من إمساكها لحقيبتها بعد أن وصلت إلى شقتها ..رفعت رأسها لتجد رينا تقف أمام الباب قبل أن تلتفت إليها وتقول :
مي !..لقد كنت قلقة عليكِ ..

مي : أنا بخير ..لذا ..عودي إلى المنزل .

رينا : حتى تستطيعين البكاء لوحدكِ مجدداً ؟

أشاحت مي بوجهها دون أن تعلق ..ليس وكأنها تستطيع إخفاء ذلك الاحمرار تحت عينيها الذي بات معتاداً رؤيته ..ليس وكأنها تستطيع إخفاء سحنتها الشاحبة ..أغمضت مي عينيها لتقطب حاجبيها بإنزعاج قبل أن تستند بيدها على الجدار الذي بجانبها ..هرعت رينا إليها  لتسألها بقلق :
أختي مي !..ما الخطب ؟!

مي : أنا ..بخير ..دعيني لوحدي أرجوكِ .

كما لو أن ما قالته مي لم تسمعه رينا إذ أردفت :
لحظة !..لا تخبريني أنكِ لم تتناولي الطعام مجدداً ؟!

أمسكت رينا بيد مي لتساعدها على السير ..تناولت المفاتيح من حقيبة مي لتفتح الباب وتدخلان إلى الشقة ..ساعدت رينا مي على الاستلقاء على السرير لتكمل جلسة استجوابها :
متى آخر مرة تناولتِ فيها الطعام ؟

«في عالم لا ترى فيه سوى الحقيقة»حيث تعيش القصص. اكتشف الآن