جانب آخر.

58 4 0
                                    


رجلٌ يمشي وسط غرفة واسعة ، حوله عدد من الرجال مثله..
يقوم بحركاتٍ غريبة الأطوار ، حوله عدد من الرجال مثله..
جلسوا معاً جميعاً.
من الواضح الآن أنها مستشفى أمراض عقلية وأن هذا الرجل والذين معه مرضى نفسيين..
الآن الرجل يجلس أمام رجلٌ آخر ، عيناهما تخترقان..

- حتى لا نصبح تائهين فلنسمّي رجلنا الأساسي ( سيث ) الآن -

بدأ سيث يسأل الرجل متلعثماً ؛
- لِم أنت هنا ؟
- لا تسأل هذا السؤال السخيف ، ولِما أكون بالخارج / بالعالم ؟

عينا الرجل لا تُفارق عينا سيث.
وبحركاتٍ غريبة قام سيث وذهب يجلس أمام رجلٌ آخر.


رجلٌ آخر يجلس أمامه سيث ، هذا الرجل غريب ولا ينظر لأحد
نظراته كُلها على الأرض أسفله أو أعلاه في السقف.

يسأله سيث ؛
- كيف حالك..؟
- أفضل من حالك قليلاً.
- لِم أنت هنا ؟
- لأن البعض يلقبونني بالمجنون ، أو غريب الأطوار ، والبعض يرفضني ، ولأنني أفكر بطريقة أخرى ومختلفة ، ولأنني لستُ مثل من بالخارج ، ولولاهم ما كنت هنا.

وظل الرجل يتكلم كثيراً ويحكي الكثير واضطرب ورفع صوته عالياً ، فأخذه رجل الأمن من أمامه ذاهباً به إلى غرفةٍ اخرى.
نهض سيث ووقف قليلاً ثم وجد رجل آخر يتكلم مع نفسه..
جلس أمامه سيث ، والرجل يتكلم إلى نفسه ناظراً لـ سيث ؛
- لماذا لماذا لماذا يعذبونني هكذا ، في الغرفة الأخرى ، التي يكون فيها كهرباء العالم ، ولماذا العقل والرأس والجمجمة ، العقل يفكر فقط ، يفكر فحسب ، نحن نستخدمه للتفكير فقط ، لماذا العقل تحديداً ، أو ربما هو ليس للتفكير فقط.


قام سيث مسرعاً هذه المرة وقد اكتفى منهم..
جلس في مقعد بعيد قليلاً عنهم ، وينظر لهم متأملاً.

بعد لحظاتٍ رأى شخصاً منهم آتياً وهو ينظر له ، يُمسك بملعقة صغيرة ويرتدي معطف طويل كلاسيكي.
جلس هذا الشخص أمامه وهو ينظر له وقال ؛
- لِما أنت هنا ؟ ، انتظر أنا لا أريد منك إجابة ، بل سأعطيك أنا الإجابة ، أنت هنا لأنك يجب أن تكون هنا ، لأنك لست منا نحن المجانين ، أنت دكتور ومدير هذا المكان ، وتتظاهر بأنك واحداً منا ، أنا عرفتكَ حين دخلت من باب الغرفة..
سأخبرك كيف عرفت ، وجهك وعيناك عاديان جداً ، وأدائك في التمثيل مُبتذل ، والأغبى من هذا كله أنك تسأل من تختار لم هو هنا ، هنا لا أحد يسأل هذا السؤال لأننا نعرفه ونعرف ما هذا المكان.

نظر له سيث باندهاش لدرجة أنه لم يقدر على قول شيء..
أكمل الرجل وهو ينظر لملعقته ؛
- لم أنت في صمتٍ تام ، هي أخبرني بأن كل ما قولته صحيح.
- كل ما قولته صحيح.


بهدوءٍ وبصمتٍ ، قام سيث أو الدكتور سيث خارجاً من الغرفة..
ذهب مباشرةً إلى مكتبه ، وكان عليه أن يقدم تقرير عام لكل المرضى.
بعد لحظاتٍ أعطى تقريره لرجل الأمن ، وجعل كل المرضى يتمتعون بحريتهم خارج هذا المكان.

وجلس سيث وحده في هذا المكان لأنه يجب عليه أن يكون هنا.

أزرق. حيث تعيش القصص. اكتشف الآن