نشأته

958 74 1
                                        


لقد نشأ قمر بني هاشم في أحضان أبيه أمير المؤمنين  ، و تربی بين أكناف ثلاثة أئمة؛ فأبوه باب علم مدينة رسول الله ، وأسد الله الغالب، وأخواه سیدا شباب أهل الجنة، فاكتسب من الخصال أحمدها، حتى زق العلم والكالات زقاً، وما يدل على حسن تعلمه وتأدبه وهو طفل صغير أن عليا عليه السلام قال له في يوم:

«قل واحد، فقال: واحد، فقال: قل اثنان، قال: استحي أن أقول باللسان الذي قلت واحد اثنان فقبل علي  عينيه، ثم التفت إلى زينب وكانت على يساره والعباس عن يمينه، فقالت يا أبتاه أتحبنا؟
قال: نعم يا بني أولادنا أكبادنا، فقالت:

يا أبتاه حبان لا يجتمعان في قلب المؤمن حب الله وحب الأولاد وإن كان لا بد لنا فالشفقة لنا والحب لله خالصا فازداد علي بها حبا (۱) .

فالعباس أجاب بهذا الجواب لأنه أدرك وهو طفل أن الواحد قائم بذاته لا يثنى لأن التثنية شرك، والوحدانية إخلاص، ومن المعلوم أن للأبوين والأخوة الأكبر سنا تأثيرا كبيرا على نشأة الطفل واكتسابه الأخلاق الحميدة والفضائل، وقد تربى العباس ، وأفنى عمره
في صحبة أكرم الخلق بعد النبي شمائلاً وشيماً و أفضلهم أخلاقا وأكملهم إيمانا و شجاعة؛ فلما سكن الإمام أمير المؤمنين ع الكوفة أيام خلافته اصطحب معه أولاده ومن بينهم العباس ، وبعد شهادة أمير المؤمنين عليه سلام و تدهور الأوضاع التي أدت إلى صلح الإمام الحسن مع معاوية رجع العباس عليه السلام مع أخويه الإمام الحسن والحسين  إلى المدينة وأقام في خدمتهما حتى قرر الإمام الحسين سلام الله عليه  الذهاب إلى العراق فسافر معه واستشهد في كربلاء.

فجمع العباس الكمالات و الخصال الحميدة من البيت الذي تربى فيه، والبيئة التي ترعرع ونشأ فيها، وأضاف الله تعالى له الوسامة والجمال في الشكل حتى قيل له (قمر بني هاشم).

(1) جامع أحاديث الشيعة للسيد، البروجردي: ۲۱ / 416.

العباس قمر بني هاشم (عليه السلام)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن