صبره

537 54 1
                                    

الصبر من الأخلاق الحميدة التي مدحها الله تعالى في القرآن الكريم، ومدح الصابرين، ومن هذه الآيات..

قوله تعالى : وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ .

وايضاً .. وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ ..

إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ...

ولقد صبر العباس في ميدان القتال يوم الطف وصمد صمودا عظيما بإرادة صلبة ورباطة جأش تفوق الوصف وكأنه جيشا لا يقهر، فقد أرعب بصبره وصموده عسکر ابن زیاد، وهزمهم نفسيا، كما هزمهم في ميادين الحرب، حتى تكالب العدو عليه من كل جانب، فقطعت يمينه، وشماله، ولم يستسلم، ولم يظهر تألمه للعدو، وذلك لما گمن له زید بن ورقاء الجهني من وراء نخلة، وعاونه حکیم بن طفيل السبسي فضربه على يمينه فأخذ السيف بشماله، وحمل عليهم وهو يرتجز :

والله إن قطعتم يميني
إني أحامي أبدا عن ديني
وعن إمام صادق اليقين
نجل النبي الطاهر الأميين

فقاتل حتى ضعف، فكمن له الحكم بن الطفيل الطائي من وراء نخلة، فضربه على شماله فقال:

يانفس لا تخشي من الكفار
وابشري برحمة الجبار
مع النبي السيد المختار
قد قطعوا ببغيهم يساري
فاصلهم يا رب حر النارِ

فقتله الملعون بعمود من حديد.

فلقد كان صبر العباس ا عظيما وهو يقاسي كل هذا التعذيب الجسدي الذي لاقاه في ميدان القتال منفردا يكافح ضد هذه الحشود الغفيرة التي تحيط به من كل صوب، ولم يكن كفاح العباس وصبره

بدافع الأخوة أو العصبية القبلية التي ما انفك بعض العقول الجامدة تنادي بها إلى يومنا هذا، بل كان بدافع الإيمان والعقيدة الراسخة لحماية الدين من الخطر الذي أحاق به بعد تسلط یزید شارب الخمر على رقاب المسلمين، والذي يشهد لذلك قوله :

إني أحامي أبدا عن ديني
وعن إمام صادق اليقين

فلقد صبر العباس وهو يحامي عن الدين، فأعطى حق تلك الراية التي حملها کافيا و وافيا حتى مدح الإمام الصادق صبره في الزيارة المروية عنه بقوله:

فجزاك الله عن رسوله وعن أمير المؤمنين وعن الحسن والحسين صلوات الله عليهم أفضل الجزاء، بما صبرت واحتسبت واعنت، فنعم عقبى الدار.

ورد مدح صبره في الزيارة التي ذكرها الشهيد الأول حيث جاء فيها:

فنعم الأخ الصابر المجاهد والمحامي الناصر والأخ الدافع عن أخيه المجيب إلى طاعة ربه الراغب فيها زهد فيه غيره من الثواب الجزيل والثناء الجميل فألحقك الله بدرجة آبائك في دار النعيم إنه حميد مجيد.

وكان الإمام زین العابدین إذا رأى عبيد الله بن العباس استعبر باكياً، فإذا سئل عنه قال:
"إني أذكر موقف أبيه يوم الطف فما أملك نفسي.

العباس قمر بني هاشم (عليه السلام)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن