"اليوم السابع"

452 29 0
                                    


الساعة العاشرة صباحاً .. الرمال الصفراء .. والبحر .. والرواية إياها أظنكم عرفتم ما هي .. بدلاً من المكوث في خيمتي أجلس أمام مياه البحر أظن لو كُنتم مكاني لـ فعلتم الشئ ذاته .. أقرأ وأقرأ وأقرأ .. نفس تلك الكلمات التي قرأتها مراراً في هذه الرواية .. لكن كـ كل مرة أشعر بأنها المرة الأولي حيث أنني أشعر للفرحة لـ مشهد ما وأحزن لآخر وهكذا حتي تأتي النهاية .. شعرت بشخص ما يأتي من خلفي ظننته أرغد أو هكذا تمنيت .. ما إن التفت إليه حتى وجدته تميم ولا أحد غيره .. كدت أرحل لكنه أوقفني قائلاً بنبرة لست معتادة عليها منه .. هادئة ربما نبرة تلتمس الصلح
" هل تحدثنا قليلاً؟!.. كـ صديقين في مُخيم .."
التفت إليه ثم وجدت في عينيه شئ جديد فيها .. ليس ما كُنت أراه سابقاً لهذا قبلت تلك الدعوة المُهذبة قائلة
" لمَ لا؟!.. نحن بالأساس أصدقاء عمل .."
صمت دام خمس دقائق ربما .. لم أتفوه بكلمة نظرت فقط لـ زُرقت المياه أمامي .. قطعه هو قائلاً بنبرة هادئة
" ما الذي أوصل العلاقة بيننا إلى هنا؟!.."
أردفت قائلة بينما التفت إليه بنبرة مُتهكمة
" أظنه سؤالاً ساذجاً .. بالطبع أنت!.. "
شعرت لوهلة أنه ابتسم ثم تلاشت مُردفاً
" جيد .. وبما أن الشخص المُخطئ في كل ما حدث هو أنا فـ أنا أود الإعتذار .. وأتمنى أن تقبليه .. "
طبعاً هذا أخر شيئاً توقعت حدوثه فى هذا المُخيم .. سأكون كاذبة لو أخبرتكم أن هذا لم يُسعدني .. فقد أسعدني وكثيراً أيضاً .. أظن أنها بدايات وقوعه فى الحب .. فـ الشخص عندما يقع في حب جديد يُغلق جميع دفاتره القديمة أو هكذا أظن .. هذه فلسفة خاصة بي كـ أريس لا تأخذوها على محمل الجد ..
أجبته قائلة بنبرة هادئة وابتسامة خفيفة
" ولمَ لا أقبله .. قبلته طبعاً .."
" جيد وهل سنعود كما كُنا أصدقاء عمل .. لا يوجد بقايا حزن .."
هكذا أجاب بابتسامة ودودة .. لوهلة بدا لي وسيماً .. أجبته قائلة بنبرة مُرحبة للفكرة
" بالطبع أصدقاء عمل وغير عمل أيضاً .."
لم يكن رده سوى ضحكة .. حقاً هو وسيماً بتلك الملامح الرجولية .. وتلك العيون البنية .. لكنه القلب من إختار أرغد وليس لي دخل في هذا لو كان لي أن أختار لـ أخترت أرغد أيضاً ..
تحدثنا عن أشياء كثيرة لها فائدة وأشياء ليس لها فائدة فقط نحاول العودة كما كُنا وأظن أننا سننجح في ذلك إن لم نكن نجحنا من خلال ذلك الحوار الذي خضناه .. الخطوة الأولى دائماً ذات الأثر الأكبر .. لم أشعر كم من الوقت قد مر علينا ونحن نتحدث ففط شعرت حين اقترب أرغد وهنا أدركت كم كان صوت ضحكنا مُرتفع نوعاً ما .. حيث أن أرغد بادر قائلاً بنبرة جهلت فهمها
" ما الشئ المُضحك لهذه الدرجة .. هل تخبروني لكي أضحك معكم  .." 
شعرت بالحرج الشديد من تلك النبرة السخيفة التي تحدث بها .. لم أجد ما أُجيب به فـ تركت الأمر لـ تميم الذي أخبره قائلاً
" لا شئ .. هيا سأذهب أنا .."
أظنه أيضاً شعر بالحرج وإن لم يشعر لمَ قد يرحل؟!..
نظرت لـ أرغد بنظرة حانقة ثم سألته بنبرة مُرتفعة قائلة بـ عبوس شديد
" لماذا تحدثت بهذه الطريقة؟!.. جعلته يرحل"
أجاب بنبرة مماثلة
" طريقة!!.. وماذا كانت طريقتي أريس هانم .. لم تلاحظي كم إرتفع صوت ضحككم سوياً؟!.."
" لا لم أُلاحظ .."
هكذا أجبت بينما أشحت بوجهي عنه .. صمت لـ بضع دقائق ثم شعرت أن الهواء يضيق .. فـ رحلت تاركة إياها وتوجهت حيث موقع خيمتي ..

                   **********************

داخل خيمتي غدت الكلمات والأفكار تعصف بداخلي كـ عاصفة هوجاء .. كلمات لمياء من جهة وكلمات أرغد أمس من جهة أخرى وحديثه اليوم .. هل يمكن أن يكون حديثه اليوم وغضبه غير المبرر نابع من تلك المكانة الخاصة التي تحدثت عنها لمياء أمس؟!.. بالطبع لا المكانة هي مكانة أخوية ليس إلا .. كما أنه أخبرني أمس أنه أحب مرة واحدة واخيرة .. لكنها ليست لمياء بالطبع فقد أخبرني أنه لم يُحب لمياء قط .. لكن من تكون لا أدري .. لم تتدخل أي فتاة حياة أرغد أبداً غير تلك لمياء .. هل يعقل أن يكون هناك واحدة وهو لم يخبرني قط؟!.. ولمَ لا لقد بدأت أجهله وأجهل تصرفاته .. كما أنه تغير عما كُنا صغار أعتقد أني أيضاً تغيرت بالنسبة له .. ربما ..
أيقنت أن جلوسي فـ الخيمة وحدي لن يُريحني قط لذلك قررت الخروج .. وبينما كنت أُغلق سحاب خيمتي وانهض راحلة وما إن التفت بجسدي حتى وجدته مُقبلاً .. نعم هو أرغد .. اعتدلت في وقفتي في حين إقترب هو مني ثم حمحم قائلاً بنبرة حنونة
" هل ما زلتِ غاضبة مني أريس .."
بربكم أخبروني لو كُنتم مكاني ماذا كنتم فعلت؟!.. كُنتم ابتسمتم لا شك وعَفوتم .. لكن لـ شئ لا أدركه تذكرت حديث أمس وعاد الغضب يتملكني أكثر من ذي قبل فـ أردفت قائلة وأنا أتحاشي النظر لـ عينيه لكي لا أسقط صريعة عيناه
" لا شئ .."
حمحم قائلاً بنبرة هادئة
" أتمنى ذلك"
صمت .. بضع ثواني .. كدت أرحل لكنه بادر قائلاً
" سنرحل غداً الساعة السابعة صباحاً كوني جاهزة "
لم أقول كلمة ورحلت حيث كُنت أنوي الذهاب حين غادرت خيمتي ..

                         ********************

مساءاً حينما كُنا نجلس .. كان كل واحد منا مُنهمك في فعل شئ ما حيث أرغد يجلس يرمقني حينا وينظر إلى النيران أمامه حينا أخر أظنه يشعر بالذنب لـ حديثه معي بتلك النبرة السخيفة وأيمن ولمياء يشاهدان شئ على الهاتف المحمول .. وعماد يلعب على هاتفه لعبة ما أتمنى أن لا تكون تلك التي تسمى 'بابجي' وشمس وليلى يتحدثان فى أمر ما .. وحده تميم شعرت أنه يشبهني حاله كـ حالي حيث كان جالساً يرمق شمس كل حين يراقب حركة عيناها وشفتيها ويديها ضحكتها .. أعلم هذا فـ أنا أيضاً عاشقة وفعلت ذات الأشياء .. نهضت واقتربت حيث يجلس بعيداً عنا فى ركن ما وحده حيث يستطيع أن يراقبها دون أن يُفتضح أمره .. جلست بجانبه ثم أردفت قائلة بنبرة مرحة
" تبدو واضحاً للعيان .."
" ماذا؟!.."
لم يكن هذا سوى السؤال الذي قاله وهو ينظر لي .. فـ أجبته قائلة محاولة كتم ضحكتي
" أنتَ لست معي البتة .."
" حقيقة .. أنا معها هي .."
هكذا أجاب ثم رمقني بنظرة فـ رمقته بـ أخري مُطمئنة ومُشجعة أيضاً قائلة بنبرة هادئة
" أخبرها .. أنت شخص جيد ولست سئ أبداً .. ستكونان ثنائي عظيم أثق فى هذا .."
بادلني الابتسامة ثم أكمل قائلاً بينما ينظر لـ أرغد
" وأنتم أيضاً ستكونان ثنائي أعظم .."
نظرت حيث ينظر فـ وجدت تلك النظرة التي لم أفهمها يوماً من أرغد .. لكن ثمة شئ جديد بها .. شئ إرتاح له فؤادي واستكان ..  

                      *************************
الحب دمعة وابتسامة هكذا قال جبران خليل جبران أظنه كان صادقاً ومحقاً .. أريس ..
   
                           *********************

عشرة أيام للـحبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن