الفصل الثاني: لِسانٌ محروق

13 4 4
                                    

"ماذا لو كان سندك حاداً كلما احتجته أدماك!"

إنتصب واقفاً رغم ارتجاف رجليه، ينظر للعينين الداكنتين أمامه، وكأنه رأى نارا تشتعل داخلهما، لكنه ليس سوى انعكاس الشمعة، تأوه بألم عندما شده من شعره، رفعه حتى قابل وجهه الغاضب وقال بنبرة عاليه كادت ان تثقب اذنه«أيـــــــن المــــــــال».

فقدت شفق قدرتها على الكبت لتبدأ البكاء بصوت حاربت لتجعله خفيضاً، ضمت زيد مُخفيةً وجهها به، لتصرخ أثر صوت صفعة قويه الصقت اخاها ارضاً بفمٍ دامي، تنظر له بعيون جُمع بها خوف البشريه بينما يُركل مرارا وتكراراً، لم يوقفه تقيؤ إبنه لدماءٍ لزجة بل واصل، وجهه بطنه رجليه يديه ظهره وكل إنشٍ بجسده لم ينجو من ركلات والده القاسيه، فقد وعيه! ولم يتوقف «يــــــــــــــــكفـــــي لقد مــــــــــــــــــات».

صرخت بكل ماأُوتيت من قوة، ليجيبها مستهزءاً«طول لسانك كثيرا ياصغيرتي».

تقدّم نحوها ليعصر شفتيها بيديه، جاعلاً اياها تقف تاركةً اخاها الباكِ، ليخرج القداحةَ من جيبه ويرخى قبضته عليها قائلاً «اخرجي لسانك سأحرقه باكرا كي لايطول مع نموك».

سالت دموعها الحارة واغمضت عينيها بشده متمنيةً ان يكون كابوساً، ليصفعها بقوةٍ هزّت دماغها واوقعتها على اخيها ليزداد نحيبه، رفعها من شعرها واعاد أمره بصراخ، إنصاعت له مخرجه لسانها المرتعش، حكم القبض على فمها حتى دمى لسانها لوقع اسنانها عليه، اشعل القداحه وقرّب النار منها.

لم يُسمع سوى أنينها والنار التي تُبخر لعابها وتصهر لسانها، كان مخيفاً! علق بأذانها بينما كانت نغماً له، حُفرت ابتسامته المستمتعه بصميم ذاكرتها وانشى عينيه رؤية ملامحها المرتعبه، المتألمه ودموعها التي هي أشد غزارة من امطار العاصفه، وأخيراً تركها راكلا بطنها لتسقط أرضاً، وخرج بعد ان صبّ جل طاقته عليهم.

رغم عذابها زحفت لإخيها الناحب حاملةً اياه بين يديها المرتجفتين، وتقدّمت لذاك الذي يسبح بقيئ دمائه، لم تعلم ماذا تفعل هل تضع زيد الباكي ام توقظ طلال، لم تستطع مناداته ليفيق او حتى ان تبكي بصوتٍ عالٍ لسانها يؤلم أكثر من تلك اللحظه التي وُضعت بها النار عليه، جلست بينما تحمل زيد تهز طلالاً بيدها، ولم تُفلح بإيقاظه، مرةً بعد اخرى حتى انهارت، رغما عنها علا صوت نحيبها الذي يزيد من ألم لسانها، وضعت الصغير جنباً وصارت تهز المغشي عليه بقوة«شفق؛ انا بخير أحتاج للنوم فقط أرجوكِ اتركيني مكاني».

بصوت خافت مرتعد قالها مغمض العينين، لتنهض تصارع مابها وتغطيه باللحاف الخفيف والذي لن يحمي ولو قليلا من برد العاصفه لكنه كان اكثر من كافٍ لشخص ذاق مرّ الحياة لتوه.

بينَ شفقٍ وقدرِهاحيث تعيش القصص. اكتشف الآن