يركض ويصرخ يستغيث بأي شخص ينتشله، يردد اسم خالقه بهلع ويعاود الصراخ ينشدهم المساعدة، لاشئ حي حوله، هو يجري بظلام على أرضٍ كانت ممتلئة بالجثث والدماء التي مافارقت رائحتها المكان رغم ازالة مصدرها.
تسرّب إليه اليأس وتملّكه خوف من ان يعود ويجد أمه ميتة، وهاهو يجر جسده عائداً بلا أمل.
انفرجت أساريره حالما لمح شخصاً أخفى الظلام ملامحه قد خرج من المنزل الملتصق بمنزلهم كيف لم يسمعه منذ البداية! ركض إليه قائلاً بنبرة سريعة توحي بحجم مصيبته «ألديك سيارة أستنجدتك بربك ان تعينني، أرجوك احتاج المشفى بسرعة... ».
وقبل ان يكمل كلامه قاطعه الماثل امامه بصوت أوحى أنه بمقتبل العمر ونبرة مستعجلة «لاداعي للشرح اذهب واحضر المريض وستجدني امام بيتك بالسيارة».
ذهب طلال مسرعاً للبيت دون ان يتسائل حتى كيف عرف الغريب ان من يريد المشفى مريض وليس جريح او كيف سيعرف بيته وهو يقابله للمرة الاولى، سرعانما جهّز أمه بمسعادة شفق التي جهزّت نفسها وزيد أيضاً فليس لديها أمل بعيش والدتها بل وتعتقد انها ميتة بالفعل، ستذهب لمساندة أخيها.
بعد أن خرج طلال يحمل أمه واخويه يتبعانه وجد سيارة رمادية من نوع سانتافيا امام بابهم فوضع أمه بالكرسي الخلفي وجلس هو بالأمامي، ثم نظر لأخته التي تقف مشدوهة دون حراك تبحلق بالجالس بمقعد القيادة، هي تعرفه إنه ذلك الشخص الغريب، أخوها من السطح!!
وقبل أن ينطق أسرعت بمشيها ممسكة بيد زيد لتجلس بالكرسي الخلفي، وكل مايجول بعقلها هوية هذا الغريب، مضت نصف الساعة وهاهم يرون المشفى الحكومي يقترب وعدد مهول من السيارات والناس حوله، إستعدوا للنزول الا انا السائق تجاوزه!
ليقول له طلال بحنق مستغرباً فعلته «المشفى! لقد تجاوزته!!».
ليرد عليه بهدوء محاولاً بث الطمأنينة به «أعلم، لاتقلق إنني اتجه لمشفى خاص فالحكومي مزدحم بشدة وتكثر به الامراض، وقد تسوء حالتها ونحن مازلنا ننتظر دورنا».
هُلع طلال وقال له مستنجداً «عد له بسرعة ليس لدي مال يسدد الدخول حتى!!».
كانت أول مرة ينظر فيها طلال للغريب ويرى ملامحه الغربية كيف له التمكن من لهجتهم لهذه الدرجة!
رد عليه مبتسماً بود «لاتقلق سأسدد انا عنك».فاجئهً رده حقاً، هذه المرة الاولى الذي يقف فيها احد غريب بصفْهِ ومااسطاع غير شكره ولم تخلو نظرته ونبرته من الاستغراب.
أما شفق فكانت تمسح على شعر زيد بحضنها تتجنب النظر لأمها التي شابهت الجثث، وتستمع لحوار طلال واخوها من السطح، خالجها إستغراب امتزج بسعادة لما قاله، إنه حقاً شاب طيب بل إنه أول شخص طيب تقابله، إكتسبت وجنتيها حمرة الخجل ماإن رأته ينظر إليها من المرءاة التي عكست لها خضراوتيه المبتسمتين، حاولت الاختباء منه بوضع رأسها على مسند الكرسي المقابل لها وهو كرسيه لِتقتحم نفَسها تلك الرائحة الزكية المنتشرة بالسيارة إلا أنها أقوى أهذا عطر؟
![](https://img.wattpad.com/cover/240863236-288-k173867.jpg)
أنت تقرأ
بينَ شفقٍ وقدرِها
Randomقلبٌ ميّت وروح تحتضر، هذا كل مايحتويه كيانها المحطم، تنتظر ان يرأف بها القدر بعد ان أدهقَها خذلاناً، فهل ستحصل على بصيص أملٍ تواصل به التنفس؟