كان يحارب الريح ليغلق باب الكوخ الصغير او مايسمى بمبنى البوابة حيث يسكن بها الحراس أيام عملهم، تنهّد بعد ان انتصر على تلك العاصفة الهوجاء وذهب نحو الفنار ليزوّده وقوداً وقال«أشعر اننا بفيلم رعب».
قهقة جاسم على مزاح رفيقه محمد وأكمل عنه قائلاً «تماماً، فيلم حيث ثلاث رجال وسيمين يحرسون البوابة، قَطع الشيطان الكهرباء عليهم وتلاعب بالرياح لتضربهم وترغمهم على الدخول حيث الكوخ الملعون كي يمتص أرواحهم اللذيذة».
«خيالك خصبٌ يارأس اللوز». علّق محمد على ماابتدعه صديقه من أقاويل، وبينما كان يتأهب إن صوّب حذاءٌ ما لرأسه لم يأته رد! فإذا برفيقه المقصود ينظر نحو سراج رفيقهم الثالث واكبرهم، كان هادئاً جداً وصامتاً يبحلق بالسقف وهو يستند على حقيبة ثيابه، شارداً على غير عادته.
أجفلته يدٌ حطّت على كتفه فنظر لصاحبها فإذا به جاسم يقول«مابك؟...تشاجرت مع اخوك مجدداً؟».
وقبل ان يستقيم بجلسته حتى تناوله بالأسئلة ليشير له كي يسكت، امتثل له بينما يقترب منهم الثالث، فرد عليه «ليس بي شئ ولم يحدث شئ معدتي تؤلمني فقط».
«ربما لم تُفلح صفقة المخدرات خاصته». صعقه كلام محمدوشاركه جاسم بهذا حيث توسعت حدقتيه وهو يعض شفته السفلى ليُسكت محمد.
«ماذا؟ هل اعتقدت أننا نخدع بسهولة! يارفيقي اعرف جيداً شكل سيارتك غير الحكومية ناهيك عن اطفالك وزوجتك ألا تذكر انني كنت يومياً اتي لمنزلك كي اصطحبك للعمل؟ اعرفهم جميعا حق معرفة».
إبتسم مستعراً من نفسه فهاهو يكشف امام صديقيه وقال «كنت احاول لعلّه ينجح، ولاتتلطخ صورتي اكثر بعقليكما».
رد عليه محمد قائلاً «وفشلت، لكن جيّد أقلها يخرج احدنا من زوبعة الفقر التي أكلتنا».
«سأتوقف لااريد الاستمرار».
_«لماذا؟!».
_«لم ارتح لهذا العمل».
_«براحتك افعل مايريحك».وبينما محمد وسراج يتبادلان الحديث اتاهما صوت جاسم مؤنباً «سراج، ألازلت تعنّف عائلتك».
«لااعلم». ظهر الاستغراب على ملامحهما ليرد جاسم بنبرة يتخللها الغضب «كيف لاتعلم! ان اشكالهم توحي انهم كانو وسط حربٍ طاحنة».
«لاأعلم حقاً كيف افعل هذا ضعا زوجتي جانباً، أطفالي لاأريد أذيتهم لكن عندما أراهم لااسيطر على نفسي اكون فقط أريد قتلهم استمتع بصراخهم ورؤية دمائهم! لااصحو إلا وانا على وشك نحرهم فبالكاد أبعد نفسي وانا لازلت متعطشاً للمزيد».
كانت نبرته مستنجدة مستغربة كملامحه تماماً «انت تربيهم الاولاد لايتأدبون إلا بالضرب».
قال محمد ليرد عليه جاسم مؤنباً «لا هذا خطا، ليعاقبهم لكن ليس لتلك الدرجة أرأيت هيئاتهم؟ لايوجد جزء بهم إلا ومرصوص باثار الضرب جديدة وقديمة، حاول السيطرة على نفسك، وتوقف عن السُّكر وتعاطي المخدرات فهي السبب!».
أنت تقرأ
بينَ شفقٍ وقدرِها
Aléatoireقلبٌ ميّت وروح تحتضر، هذا كل مايحتويه كيانها المحطم، تنتظر ان يرأف بها القدر بعد ان أدهقَها خذلاناً، فهل ستحصل على بصيص أملٍ تواصل به التنفس؟