"ماذا لو كان الملجأ من الجحيمِ جحيماً بدورهِ"
علا صراخها تزامنًا مع احتراق لحمها، تتلوى على أرضٍ من الإسمنت كمن يختنق؛ يعتصرها الألم ليفقدها القدرة على أخذ الهواء، وما هي لحظات حتى ارتخى جسدها مهزومًا، لم تعد تسمع، هي فقط رأته ينتشلها من قبرها بملامح تعكس ماتشعر به...
ضمها إليه بقوة لعله يعبر عن مابه من ندم؛ لو أنه اسرع دقيقة واحدة لأنقذها، لكنه القدر، ركض بها متجاهلًا نداء من كانت السبب، وضعها بفراشها وهرع باحثاً عن أي شيء يخفف مابها.أيقظتها بضع قطرات رشها على وجهها، وما هي إلا لحظة حتى استوعبت وجوده معها لترتمي على صدره باكية، فراح يمسح على شعرها بدوره، ارتجافها الشديد ومحاربتها لشهقاتها زادت من ألمه وما كفت كلماته التي تحثها أن تصمد وتحتمل أن تسكتها، فما وجد سوى أن يحدثها لعلها تهدأ «أين كنتِ بحثت عنكِ بكل مكان ولم أجدكِ».
لتبدأ بسرد حكايتها بصوت مبحوح ملئ بالشهقات القوية «لم أقصد، ليلى قالت لي أن آتي معها لتريني لعبتها الجديدة، كنت خائفة قلت لها أن أمي ستضربني إن تأخرت ولكن أتت العمّة واصرت على بقائي، لم أتأخر لعبت قليلا فقط وأتيت بسرعه لكنها ضربتني... ».
نوبة بكاء صارخ أخرى قطعت كلامها، ضم وجهها الصغير بين كفيه مدققا بالكدمات التي شوهته ويمسح دموعها بإبهاميه رافعًا شعرها الذي ألصقه العرق عنها، مما جعلها تهدأ قليلا وتكمل بنبرة غلفها البكاء أكثر من التي قبلها «ضربتني كثيرًا وبقوة بالمغرفة الحديدية، ثم جرتني من شعري حتى المطبخ لتشعل الموقد وتضع المغرفة عليه حتى صارت حمراء، رجوتها أن لاتفعل قلت لها آسفة كما لكنها لم تتوقف ألصقت المغرفة الساخنة بقدمي، لم أستطع الابتعاد أو الهرب كانت تمسكني».
نظرت لرجلها اليمنى المربوطة بخرقة رمادية واستغربت أن الألم خفيف عليها، ربّت على شعرها ليقول متوسلا بداخله أن يواسيها «لابأس أعلم أن صغيرتي قوية وستتحمّل، أنتِ لاتشعرين بالألم صحيح؟ هذا لأنكِ بطلة وستتعافى رجلك بسرعة».
تذكر كيف ترجى الصيدلي باكيًا ليستدين منه مرهمًا يخفف الحروق فما رأه برجل شقيقته أرعبه، وعلِم أنها لن تشفى بسهولة دون أدوية
«أريد أن أراها»
هو طبعا سيرفض، يستحيل أن يريها ما أبصره بها، للحظة ظن أن العظم كُشِف «لا؛ لأن جنيتك الطيبة أتت وأنتِ نائمة وقالت أنكِ لو رأيتي رجلكِ فلن تشفى أبدًا».نظرت له بملامح حائرة وربما متشككة....
يقول محاولا جعل نبرته متحمسة «لقد أحضرت المفاجأة التي وعدتكِ بها أتريدينها الآن؟»
تبتسم وتهز رأسها بحماس فهي قد انتظرتها طويلا...
«أغمضي عينيكِ وعديّ للثلاثة»
امتثلت لكلماته وما هي إلا لحظات حتى فتحتها لتجده يحمل لوح شوكولا مع ابتسامة كبيرة، فغر فاهها بدهشة لتقول بسعادة «لأجلي؟».
أنت تقرأ
بينَ شفقٍ وقدرِها
De Todoقلبٌ ميّت وروح تحتضر، هذا كل مايحتويه كيانها المحطم، تنتظر ان يرأف بها القدر بعد ان أدهقَها خذلاناً، فهل ستحصل على بصيص أملٍ تواصل به التنفس؟