"عليك تجاوز ماضيك حتى يكون بإمكانك المضي قدمًا، ربما بالكاد تلاشت ندوبك لتكون قادرًا على تحملها لكنها لم تختفي أبداً"
يسير في ذلك الممر الطويل بتردد، مرت ١٠ سنوات منذ آخر مرة جاء بها إلى هنا، ولكن مع هذا لم يتغير شيء، لا زالت اللوحات المعلقة على طول الممر نفسها، والتحف المتوزعة يميناً وشكالاً ذاتها، الأرضية البنية نفسها، ولا زالت تلك النافذة الكبيرة تطل على حديقة القصر التي هي الشيء الوحيد الذي تغير، في الماضي كانت مليئة بكل ما قد تتخيله النفس من أنواع الورود، ولكن الآن.. هي أقرب ما يمكن إلى صحراء قاحلة، رغم وجود بعض الشجيرات هنا وهناك، لم تفقد حديقة القصر ورودها فقط بل فقدت ما هو أعظم من ذلك، لا روح فيها الآن
مرَّ من جانب باب إحدى الغرف
عيناه اللتان ملكتا لون السماء اهتزت، وكان كمن يسمع صوت نبضات قلبه، لم يتوقع أن الحنين والشوق سوف يغلبان عليه، التفت ليكمل مبتعداً عن غرفته القديمة
هو يراها.. بشعرها البني الناعم الطويل وعينيها البراقتين، لا زال شبحها هنا رغم مرور عقد على وفاتها، كانت تملأ هذا القصر الكبير بحنانها ومرحها ولكن الآن.. لم تعد هنا وكأنها لم تكن، ليس في نظره طبعاً، فهي من سكنت ذكرياته طول سنوات فراقها
نفض كل هذه المشاعر عنه ليكمل نحو هدفه، الشيء الوحيد الذي يدور في خاطره، ما الذي قد يريده منه؟
وصل أخيراً، في نهاية الممر تقع الغرفة التي حظر عليه في الماضي الدخول إليها ولكن الآن هو متأكد أنه لن يجد من ناداه إلى هنا إلا فيها
سحب نفساً عميقاً ليحكم يده على مقبض الباب ليهم بالدخول
مجدداً.. لم يتغير الكثير، لا زالت غرفة مليئة باللون الأبيض ويبدو أنها لم تعد مستعملة بعد الآن لخلوها من كل شيء ما عدا القليل يكاد يكون معدوماً
-لقد أتيت إذاً، لم أتوقع هذا!
التفت إلى صاحب الصوت، طويل القامة وعريض المنكبين، يملك شعر أسود وعيون رمادية، أطلق المعني تشه ساخرة ليقول وقد وضع كلتا يديه في جيبي بنطاله : لا تتحدث إلي، أين سيدك؟
لم يستطع كبح انزعاج ليقول باستفزاز وهو يعرف أنه يضغط على جرح محدثه : أنت سليط اللسان للغاية بالنسبة لشخص عاش حياة كحياتك.
تقدم منه بنية لكمه بينما صاحب العيون الرمادية لم يتحرك واكتفى بابتسامة ساخرة، إلا أن صوتاً قطع حديثهم : لا داعي لهذا.
التفت كلاهما لصاحب الصوت، اكتفى صاحب عيون السماء بالتحديق به بجمود بعد أن تراجع عن ضرب الأخير، قال صاحب المكان موجهاً خطابه لمساعده : أنت أيضاً مات توقف عن التصرف هكذا.
أنت تقرأ
تحت ظلمة الليل | under the darkness of the night
Mystery / Thrillerبين الأزقة المظلمة .. وتحت ضوء القمر الساطع .. أصوات صرخات المستنجدين تعلو في الظلام .. حيث البرد الذي ينخر في العظام .. والدموع التي أثلجت صدور الملايين .. لم تستطع تهدئة ذلك القلب الذي قد أهلكته الأحزان .. ذلك القناع الذي لا طالما تسلح به ليخفي حق...
