قبل بداية الفصل
لا تنسو إخواننا في سوريا وتركيا من دعائكم 😔🙏🏻~~
شعور العجز يخنقه، يكاد يفقد وعيه من هول المنظر الذي أمامه
تحجرت الدموع في عينيه وهو يحاول منعها من النزول، يداه ترتجفان.. يحاول الوصول إليه ولكن لا يستطيع المجازفة
ما الذي جرى حتى عادت هذه الحالة لتصيبه؟ مرَّت سنوات طويلة.. خمسة أو أكثر لا يستطيع التذكر، لماذا الآن من بين جميع الأوقات.. عادت النوبات لتراوده؟
اووه صحيح! المصائب لا تأتي فرادى!
وكأن الحياة تآمرت عليه وألقت ما تحويها من هموم عليه دفعةً واحدة دون رحمة.. يريد التنفس فقط
التنفس براحة ولا شيء سواه
-ما الذي يجري هنا؟!
أيقظه صوت الدكتور روزفلت
توسعت عيناه الرمادية، لم يتوقع أن تكون الحالة "الطارئة" من هذا النوع
في المرة الماضية عندما أتى إلى المشفى رفقة ايريك لأن نوبة غضب قد أصابته شعر أن هناك خطباً ما فيه ولكنه الآن متأكد، هذا الكيفين صحته النفسية غير مستقرة.. وإلا من سيحاول الانتحار أمام أعين شقيقه بعد أن عاد من الموت قبل أقل من يوم! سجله الطبي لا يُظهر شيئاً وهذا إن دلَّ على شيء فهو يدل على أن الواقف أمامه.. صاحب العيون البندقية هو من يخفي الأمر
حاول جعل صوته منخفضاً قدر الإمكان وبلهجة آمرة خاطب المحيطين به : أفرغوا الغرفة في الحال، نيد فلتبقى أنت لمساعدتي .
موجهاً كلامه لرجل يرتدي ملابس الأمن الزرقاء ليومئ ايجاباً بملامح جادة, غادر البقية الغرفة بهلع, لم يكن أي منهم ليستطيع المحافظة على هدوءه وأحدهم يحاول قطع وريده أمامهم
لم تستطع إبعاد عينيها عنه
كيف يستطيع ببساطة أن يفكر بإنهاء حياته بل وتنفيذ الفكرة حتى؟! ألا يفكر أبداً بما سيحصل لمن يحبونه؟ عائلته وأصدقاؤه؟ كيف يستطيع التخلي عن نعمة بقائه على قيد الحياة بهذه الرعونة؟!
-ميراي, املئي الإبرة بالبروبوفول بسرعة
نبس بهذه الكلمات قبل أن تخطو للخارج
كل هذا حصل بظرف دقيقة ولكنه مرَّ عليها وكأنه دهر
بداية من دخول السيد براون يليه ليون، والآن يخبرها أن تملأ الإبرة بالمخدر
لا تملك وقتاً للتفكير، رمت بأفكارها إلى مؤخرة رأسها وأوأمت ايجاباً بحزم، حتى لو كان ينوي إنهاء حياته فهذا لن يحصل خلال مناوبتها، لا تنوي الحصول على كوابيس خلال الأسابيع القادمة
مشت سريعاً إلى الخزانة بجانب الباب لتقوم بمهمتها
عيناها معلقتان بذلك الجاثي على ركبتيه
يده اليمنى مثبتة على رقبته وخط الدماء بات أثخن من ذي قبل
صدره يعلو ويهبط وتنفسه بات بطيئاً، رؤيته ضبابية وجفناه باتا أثقل وكأنها تطالبه بالاستسلام
-لا تقترب..
رددها ذاتها للمرة العاشرة
يستطيع الشعور به حتى لو لم يره، الخطر يحيط به من كل الجهات
أين أنا؟ من أنتم؟
صدح هذا السؤال في رأسه ولم تستطع شفتاه إخراجها، لا يستطيع سوى رؤية زوج العيون الرمادية التي تناظره وأخرى بندقية.. قلقة، شرد وهو يحدق بها
استغل صاحبها الفرصة ليتقدم خطوة للأمام
أحسً به ليغرس السكين في رقبته أكثر، إن كان ينوي الاقتراب فلن ينال ما يريده، سأكون ميتاً قبل أن تضع يدك علي!
-حسنا.. حسنا، لن أقترب
صرخ دانيال بعد ما رآه
عضَّ على شفتيه وهو يعتصر قبضته
سحقاً لكل هذا!
صرخ عقله بهذه الجملة
مدَّ يده مانعاً ليون من التقدم، كان يشعر به يرغب بالتدخل، هو الطبيب هنا أجل ولكن ليس وكيفين في هذه الحالة
تقابلت عيناه برماديتي ليون الحازمة، يدرك الآن أن على هذا أن ينتهي
لو كانوا في إنجلترا لانتهى الأمر بسرعة ولكن أمام هؤلاء الغرباء.. لم يكن ليكون سهلاً إطلاقاً
سحب نفساً عميقاً ليعيد بصره للأمام
-حسناً كيفين لا بأس
ردد أمامه وهو يخطو للأمام
-لا..
قاطعه بصوت عالي جعل حاجب ليون يرتفع مستغرباً : إنه أنا دانيال.. انظر إلي
تقدم خطوة أخرى : لا بأس.. كل شيء سيكون بخير، انظر إلي إنه أنا
يراقب كل تحركاته وهو يخطو مجدداً للأمام، كان قد سكن ويده ارتخت قليلاً، بدا له كما لو أن بريق عينيه الزرقاويتين قد عاد ليشتعل قليلاً
نزل على ركبته اليمنى ليقول بصوت منخفض وهو ينظر لعينيه فقط : انسَ أمرهم وانظر الي فقط، أنه أنا.. دانيال
اهتزت عيناه وارتجف جسده بأكمله وكأن شيئاً ما قد كسر وجعل رأسه يضغط عليه بشدة حتى كاد أن ينفلق، عصب عينيه سينفجر من الألم.. لا يرى سوى وجه ذاك الذي يجثو أمامه، يده التي تحمل السكين ارتخت
يستطيع تذكره الآن
لمعت هذه الجملة في عقل دانيال
لم يستطع الانتظار، جثى على ركبته الأخرى ودون أن يستطيع كيفين التحريك ساكناً كان دانيال قد أحكم قبضته السكين لينتشلها عن رقبة الأول مبعداً إياها، بيده الأخرى أحاط كتف كيفين ليقربه محتضناً إياه
أغمض عينيه براحة وهو يشعر برأس كيفين على كتفه الأيسر، لم ينتبه لنفسه وهو يحكم قبضته على نصل السكين بين يديه حتى سال الدم من كفه ولوَّث الأرضية
نزل ليون على ركبته سريعاً الي جانب دانيال وهو يتناول الإبرة سريعاً من ميراي ليغرسها في ساعد كيفين، لم يدرك أنه لن يحتاج لتخديره، كان ليفقد وعيه على أية حال
نفث ليون الهواء من بين شفتيه بعنف وهو يراقب المشهد
كل شيء حدث بسرعة كبيرة ولكن بأقل أضرار ممكنة، الدماء تسيل من جراح كيفين، التفت لميراي : نادي الممرضة
خرجت سريعاً لتنفيذ أمره، صحيح أنها ممرضة أيضاً لكنها متدربة فقط ولا تستطيع المشاركة في هذه الحالات
التفت إلى دانيال كان على حاله، مغمضاً عينيه ويربت بيده على شعر كيفين الأسود المبعثر ولا زال يسنده على كتفه
لا بد أن هذا كان صعباً عليه، صموده هذا أثار إعجاب واستغراب ليون في آنٍ واحد
أما هو.. فكان غارقاً دون وعي منه، نسي أين هو وما الذي يجري، المهم أن كيفين بخير ولا شيء غير ذلك
شعر بيد تحط على كتفه الآخر، أعاده هذا للواقع ليحس بوخز مؤلم في كف يده الأيمن
فتح عينيه ليقابل ليون الذي قال بهدوء : سأتكفل أنا بالباقي سيد براون، انتظر في الخارج رجاءً .
جوَّل عينيه في الغرفة، كان رجل الأمن ذاك والممرضة صاحبة الشعر الأسود التي عرفته فور دخوله وأخرى لا يعرف من هي
أشار ليون لنيد ليساعده على حمل كيفين ووضعه على السرير، كانت ثيابه ملوثة بالدماء من كل الجهات
وقف دانيال ليعاوده الشعور بالألم في يده، نظر لها
لم يفلت السكين حتى والدماء تسيل من جانبيها، فتح كفه لتسقط على الأرض محدثةً ضجيجاً أحبَّ سماعه، لا بأس بأن تقطع يده حتى.. المهم أنها لم تقطع وريد حياة شقيقه
-ميراي.. عالجي جرح السيد براون
استفاقت من شرودها : حاضر
التفتت إليه، لم يتحرك
كان لا زال يحدق بالسكين على الأرض والدماء التي تناثرت هنا وهناك، دماؤه ودماء كيفين في آنٍ واحد
-سيد براون..
قاطعه صوت الحسناء ذو الشعر الأسود
لم ينبس بحرف ولم يلتفت حتى ليلقي نظرة على كيفين
غادر الغرفة بهدوء لتغلق هي الباب حتى يباشر ليون في عمله، نظراته الأخيرة التي تحدق بظهر دانيال مليئة بالشك، شيء ما خاطئ في ما يخص هؤلاء الناس
-انتظر هنا سأحضر الإسعافات الأولية حالاً
قالت ميراي موجهةً كلامها له ولكنها لم تحصل على أي ردة فعل
كانت نظراته فارغة من أي شيء، حتى القلق الذي كان يملؤها قد اختفى، يحدق في الفراغ دون هوادة
مشت سريعاً لتحضر ما تحتاجه وهي مستغربة مما يحصل، لا تستطيع الاستيقاظ بعد مما حصل، كما لو كانت تحلم.. بالتفكير في الأمر هي لم تكن لتحلم حتى أن تمر بموقف كهذا!
نفث الهواء من بين شفتيه كما لو كان ينفث همومه معها ليفرك عينيه بتعب
جلس على الكرسي الطويل بجانب الباب، يسند ذراعه اليمنى على ركبته وهو يراقب بصمت الخط العرضي الذي أصاب يده
لا بأس
صبَّر نفسه للمرة الألف بهذه الجملة
شعر شخص يجلس بجانبه ليلتفت
كانت ميراي قد جلست بجواره لتقول : قد يكون هذا مؤلماً قليلاً..
لم تكمل إذ قاطعها وهو يمد يده باتجاهها : لا بأس
كما لو كان يرغب بقطع أي حديث لا داعيَ له هنا
أحسَّ بوخز إبرة لتنتفض يده قليلاً ثم يعيدها إلى وضعها الأول
لم تنبس بكلمة وهي مركزة بالكامل على الجرح أمامها، لم يكن عميقاً لحسن الحظ لذا لن تحتاج لغرز كثيرة
-هل كنت موجودة عندما استيقظ؟
رفعت عينيها باستغراب، لم يغير من وضعية جلوسه، ولم ينظر إليها وهو يسألها، إلا أن صمتها جعله ينظر لها بطرف عينيه دون أن يحرك وجهه ناحيتها
يداها قد جمدت بسبب سؤاله، وشريط الربع ساعة الأخيرة يمر أمام عينيها، سرت رعشة في جسدها.. لا تعرف كيف لم تصب بأزمة قلبية بسبب ما حدث
لاحظت نظراته بطرف عينيه.. كما لو كانت تخترقها لشدة برودها، هل هذا هو ذاته الذي كاد يذرف الدموع قبل قليل؟! هل يعاني من انفصام أم ماذا؟!
أشاحت بنظرها عنه لتعود لعملها وهي تقول بهدوء : وصلني أمر بتجديد جرعة المخدر ولكنه استيقظ قبل أن أحقنها ثم..
سكنت وهي تتذكر إشهاره للسكين في وجهها
-ثم ماذا؟
أيقظها صوته، كان يترقب.. لعل شيئاً آخراً قد حدث، أمر غير الذي يظنه
استيقظت من شرودها أخيراً : ثم تعرف الباقي
لا تعرف لما.. ولكن شعور راودها بأن عليها ألا تخبره بهذا الأمر، ستخبر الدكتور ليون فهو المسؤول عن حالته، فليقرر هو إن كان من الصحيح إخبار شقيقه بهذا أم لا
قطعت الخيط بالمقص وهي فخورة بعملها المتقن لتمسح الجرح بقطعة قطن صغيرة معقمة
لم يقل دانيال شيئاً بعد هذا أو بالأحرى لم يجد داعٍ لذلك
كانت تفاوت نظراتها بين الضماد التي تلفه على كفه وتعابير وجهه، يغطي عينيه بكفه الآخر لا يبدي أي ردات فعل
-مسكين.. لا بد أنه مصدوم من محاولة انتحار شقيقه
حدَّثت نفسها بهذا وهي تضع قطعة الحديد الصغيرة التي تثبت الضماد
-انتهيت.. من الأفضل أن تقوم بتبديل الضماد كل صباح ومساء حتى لا يلتهب الجرح
سحب يده وهو يهم بفتح عينيه ليحدق بها
لم تستطع منع ابتسامتها من الظهور وهي تفكر كم أن عملها متقن.. أشبه بقطعة فنية في نظرها
-شكراً لك
دون أن ينظر لها حتى
لو كانوا في موقف آخر لأحست بالإهانة وقلة التقدير ولكن في هذه الحالة لا بأس، لم يستيقظ بعد مما جرى
فكرت بذلك وهي ترد : العفو، هذا عملي
وقفت لتهم بالمغادرة حاملةً بين يديها علبة الإسعافات الأولية الصغيرة التي أحضرتها من الخزانة في مكتب الاستقبال
التفت لتغادر ليلفت نظرها شخص ما، بدا كما لو كان يسير باتجاههم
"وسيم"
همس عقلها وهي تسير مبتعدة
~
أغمض عينيه بضيق بعد أن شعر بها تبتعد ليسند ظهره إلى المقعد خلفه
سحب نفساً عميقاً لعله يُهدئ من نفسه قليلاً ولكن على من؟ يبدو هادئاً للغاية وربما بارداً حتى.. ولكن النار تشتعل في داخله، كما لو أن بركاناً قد انفجر بداخله ويحرقه رويداً رويداً
يصعب عليه التفكير بأمر واحد لكثرة المصائب، أعليه التفكير بعملية كيفين أم وجودهم في جنيف، ربما عليه التفكير برين وويليام، أو التفكير بمصيبة ايريك التي حلَّت كالصاعقة على رأسه
عقد حاجبيه بغضب، يكره أن يخرج الوضع عن سيطرته وأن يكون تائهاً، وهذا ما يحصل الآن معه بالضبط
-يبدو أن لا شيء يجري معك على ما يرام
يتخيل
لا بد أنه يتخيل
هذا ما كان ينقصه في هذه اللحظة اللعينة!
لم يعرف أكانت لهجة ساخرة أم غريبة من شخص مثله؟
فتح عينيه ببطء وهو يتمنى في قرارة نفسه أن الصوت من بناة أفكاره وليس له علاقة في الواقع
ولكنه كان هنا.. بحلته المهندمة المعتادة وابتسامته المستفزة
قلَّب عينيه بسخط : يا إلهي الرحيم
همس من تحت أنفاسه
-لا تسئ الفهم، لم آتي هنا للشجار
-لماذا أنت هنا إذاً؟!
-أتيت للاطمئنان على كيفين
ضحكة فرَّت من بين شفتيه وهو يستمع لإجابته
الاطمئنان على كيفين؟!! أي لعنة هذه؟!!
رفع حاجبه باستغراب وهو يراقب ضحكات دانيال التي بدت غريبة عليه، لم يبدُ كمن يضحك لنكتة بل كمن يضحك لأن أعصابه قد تلفت وكل شيء يبدو تافهاً في نظره!
تضاءلت ضحكته شيئاً فشيئاً حتى اختفت وتحولت لنظرات باردة تحطم الصخر : ما اللعنة التي تقولها جاك؟ اختصر علي الطريق وقل ما تريده بالسرعة
كان يقف باستقامته المعتادة يرتدي ملابس أبسط من العادة، بنطال بني اللون مع كنزة باللون الزيتي جعلت عيناه يشعان أكثر مع معطف طويل باللون البني الغامق
حارسه الشخصي يقف على بعد أمتار مما لا يسمح له بسماع ما يتبادلانه من القول
-أنا صادق فعلاً..
-جاك..
قاطعه على الفور ليقول وهو على ذات جلسته القديمة : انظر الي.. هل أبدو لك كشخص يرغب بالحديث مع أحدهم؟ خاصة إن كان هذا ال 'أحدهم' هو أنت؟!
زمَّ المعني شفتيه بملل وهو ينوي إجابته إلا أنه قاطعه ثانية، ليس لديه الوقت لهذا النقاش العقيم : أنت وغد لكنك لست قاتلاً لذا إن كنت هنا لتبعد الشكوك عنك فلا تقلق، لا أحد سيوجه أصابع الاتهام إليك.. سأحرص على ذلك
أطلق تشه ساخرة دون وعي منه
يال سخرية الحياة! والده الذي عاش معه لسنوات لم يعرفه كما هذا الشاب أمامه!
-لم آتي لأجل هذا أيضاً..
زفر دانيال بعنف وقد ضاق صدره بسبب هذه المحادثة
-أرجو من كيفين أن يكون بصحة جيدة وأن يتماثل للشفاء بسرعة، إن كنت تحتاج لأي مساعدة فلا تتردد في إخباري
التفت له هذه المرة ولم تخفِ عينيه الصدمة إلا أن جاك عاد ليقول ثانيةً : هذه رسالة جدي لك، أراد مني أن أنقلها لك شخصياً وبالحرف الواحد لذا أنا هنا.. لا تسئ فهمي ليست كلماتي على أية حال
![](https://img.wattpad.com/cover/213275517-288-k94796.jpg)
أنت تقرأ
تحت ظلمة الليل | under the darkness of the night
Mystère / Thrillerبين الأزقة المظلمة .. وتحت ضوء القمر الساطع .. أصوات صرخات المستنجدين تعلو في الظلام .. حيث البرد الذي ينخر في العظام .. والدموع التي أثلجت صدور الملايين .. لم تستطع تهدئة ذلك القلب الذي قد أهلكته الأحزان .. ذلك القناع الذي لا طالما تسلح به ليخفي حق...