اسمي فجر..مثل أول النهار يأتي سريعا وعابرا..لكن به ينصدع الظلام ويشرق الصبح عن نوره..
أن أقول أني الأكثر بؤسا أو حظا في هذه المعمورة..أمر متعلق بنهاية أحداث قصتي..لكني أجزم منذ البداية أني الفتاة الأكثر صبرا.
توفي والداي في حادث سيارة وانا في العاشرة من العمر...اضطررت للانتقال للعيش مع عائلة خالي برغبة مستميتة منه..وبعد نزاع جسيم مع عائلة عمي لم أفهم مبتغاه إلا بعد أن شتتوا كل ما تركه والداي من تركة،..في بيت خالي لم أتلق العطف ولا الرعاية اللازمة..كنت شبه خادمة..أعمل طيلة اليوم ..أنام بمفردي وممنوعة من التواصل مع الأبناء ... بعد وفاة خالي عانيت الكثير من القسوة النفسية والجسدية على حد سواء من زوجته وبناتها ..تعاستي كانت كبيرة عندما كانوا يجتمعون على مائدة الطعام، أو لمشاهدة التلفاز في حين أجلس أنا في المطبخ في انتظار انتهائهم لتنظيف المكان....بعد أشهر من العبودية ارتأت زوجة خالي أنها ليست مضطرة لإطعامي وأن علي المغادرة لأقارب آخرين ..طبعا من تصارعوا على احتضاني سابقا تنكروا لي اليوم، فقد بدد ميراثي بالكامل..لذلك فكان البديل ..دار الرعاية...وهناك لم يكن الوضع كثير الاختلاف.. فالقائمة علينا هي سيدة بغيضة وباردة المشاعر.. كنا نعاني إضافة للقسوة إهمال شديد، وأوضاع مزرية..غرفنا باردة و طعامنا محترق على الدوام..نتعرض لأقسى العقوبات و لا ننال شيئا من التبرعات التي يحضرها المحسنون..
ولم يكن لي عزاء غير صديقتي الوحيدة هناء...كنا نتشارك كل شيئ الطعام..مهام العمل..مقاعد الدراسة ..وحتى الفراش.فسريرانا كانا متلاصقان و في كل ليلة كنت أدحرج نفسي إليها لتغمرني في صدرها الحنون كدمية صغيرة..
لأول مرة منذ فقدت والداي كنت أشعر بالانتماء ..كانت حنونة جدا علي، تعاملني برقة بالغة لم يعهدها قلبي الصغير...تساعدني في كل شيئ، تهتم بكل تفاصيلي الدقيقة..لم أجد لإحساسي اتجاهها مسمى ..فهو يتميز عن الأخوة ويختلف عن الصداقة...