بارت 5

858 2 0
                                    

وعلى الرغم من أني لم ألقي بالاً لقصة ايميلي حول المرأة الشبح، إلا أني ظللت أستمع لأصوات تحركات غريبة كل مساء..مرفوقة بصراخ احيانا..لم يفسر لي أحد ما يجري..قالت المدبرة أنني أتخيل ..ثم قالت لعل الخادمة قد رأت أحلاما مخيفة ..توالى حدوث ذلك  إلى أن استيقظت ليلة على رائحة قوية.
خرجت مسرعة من غرفتي لاستقصي الأمر ..كان دخان كثيف ينبعث من غرفة السيدة أميرة..فتحت الباب ..يا إلاهي النار في كل مكان..السيدة ستحترق...
بدلت جهدا كبيرا لإيقاظها.. كانت ثملة كعادتها ..بسرعة صببت الماء على وجهها إلى أن أفاقت ثم هرعنا لإطفاء النار معا.
- فجر .. أنا مدينة لك بحياتي ..قالت أميرة..كنت اعرف منذ رأيتك لأول مرة أن هاته العينين الزرقاوين ستكونان سببا لسعادتي..أمسكت يدي وحاولت تقريبي منها..قاومت قليلا لكن...لامجال للتهرب..جاذبيتها كانت أقوى من كل شعور آخر...غرقت في حضنها واستسلمت شفتاي لقبلة عميقة.. كنت انصهر من فرط دفئها.. أذوب قربا منها وقلبي يخفق بقوة..أيقظت نفسي من تلك السكرة بصعوبة..ابتعدت عن حضنها...سيدة أميرة أرجوكِ.
غادرت بسرعة لغرفتي...كنت أفكر..ماذا حدث؟ ..يا إلهي أنا فعلا أعشقها..
أنا أؤمن بأن الحب لو كان محرما لما بثه الله في قلب الانسان بطريقة لا إرادية.. هل سمعتم بمعصية تخلق مع الإنسان بالفطرة!! لكن يبقى القلب يميل لمن يشعر بروحه ونبضه...أن تحب فهذا ليس خطأ..لكن الخطأ أن تحب من لا يستحقك.
هل عساها تحبني فعلا....أم أنها كانت ثملة ولا تعي ما تفعل..لقد اخذتني الأحلام بعيدا تلك الليلة ....
في الصباح أخبرتني المدبرة انها غادرت للعاصمة...
مر شهرين على الحادث ..لم تعد السيدة ..ولم تتصل...ولم يتبين مفتعل الحريق..أغلق على الحادث بكل بساطة..انتهى موضوع الحريق..ليشب حريقا آخر في قلبي ..يا إلهي إني أشتاق لها لحد الجنون.
وفي إحدى الصباحات الممطرة والجاحدة... جاءت الصغيرة إيميلي تصرخ ..أميرة أميرة ..ستأتي اليوم...ستأتي معها الخالة نسرين و عائلتها..لقد أخبرتني على الهاتف....لتنطلق إثرها حملة كبيرة من التنظيف والترتيب..كانت المدبرة في حالة هلع كبيرة ..غيروا الافرشة ..حضروا الطعام ..الأواني الفضية . يجب أن يكون كل شيئ في أحسن ما يرام..سألت ومن تكون الخالة نسرين..لا بد انها شخصا مهما لتثير كل هذه الجلبة.. أجابت أميلي...انها آنسة راااائعة الجمال..أنيقة مثل ممثلات السينما ..صديقة أميرة المقربة ..يقيمان معا في العاصمة.
اصبت بدوار ..غثيان...تجمد الدم في عروقي ..خلتني سأقع على الأرض..تشبثت بالأريكة محاولة أن أنقذ نفسي من الوهم الذي غرقت فيه...انسحبت بهدوء لغرفتي وقررت ألا أخرج.
بعد مأدبة العشاء طلبت السيدة أميرة أن أنظم إليهم للسهرة ..اتخدت مقعدا بعيدا وبدأت أجول بنظري بين الضيوف..كانوا شديدي الأناقة وكأنهم في حفل..يتكلمون بتكلف مبالغ فيه.. وكؤوس الخمر ولفافات السيجار لا تفارق أيديهم.. قالت نسرين..عليك أن تحذري من المربيات فأغلبهن استغلاليات..لا يرأفن بالأطفال وقد يعتدين عليهم أيضا...أضافت قريبتها سهى ..اهاهاها لازلت أذكر وجه البغيضة الآنسة سماح كانت تستغل الفرص لقرصي وتسرق المال مني وتهددني بالضرب إن تكلمت...
وكأنني غير موجودة بينهم راحوا يتلون قصص مربياتهم الواحدة تلو الأخرى شعرت بالغثيان من هذا المجتمع المنافق....استغليت ذهاب السيدة أميرة لتملأ كأسها ..لانسحب بهدوء...
في الردهة سمعتها تنادي باسمي..في قلبي مباشرة صبت صوتها القوي...فجر قد أتيت من سفر بعيد ..ألا أستحق على الأقل أن تتمني لي ليلة سعيدة قبل الانصراف؟
- آسفة سيدتي.. خلت أنك لم تنتبهي لحضوري...اتمنى لك ليلة طيبة.
....يتبع

أناهيد فجرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن