#سيظل_عشقك_مرادي
الفصل الواحد و الثلاثون والأخير
بقلم نهال عبد الواحد
تململت في فراشها شاعرة بأصوات بعض الضجة القادمة من الشارع الدالة على اقتراب وقت الظهيرة، لكن الأهم شعورها بهذا الاكتفاء فارتسمت ابتسامة رائعة على ثغرها، فقد رمم كل تصدعاتها خلال الثلاث عشرة سنة في ليلةٍ واحدة أفضل من أفضل مهندس، وداوى جراحًا عميقة غائرة بمهارة فاقت أي طبيبٍ حاذق.
ها هو قد جمع شتات روحها في ضماته لها، لا زالت تشعر بأنامله وشفتيه تتلمس كل إنشٍ في جسدها برقة، أريحية وحميمية بالغة، فكان سكنها وكانت سكنه.
لا زالت مبتسمة متذكرة أحداث الليلة السابقة مادّة يدها جانبها تتحسس مكانه جوارها في الفراش، لكن الفراش باردًا فارغًا!
هبّت من فورها منتفضة تتفقد حولها بعينيها جاذبة هذا الغطاء الثقيل مغطية جسدها العاري، تسارعت أنفاسها وكأن كل الجروح قد فُتحت مجددًا فجأة وتصدعات روحها تشققت كما كانت، وها هو عاودها شعور قطرة المطر الساقطة من أعلى سحابة فوق السماء لكنها هبطت فجأة مرتطمة بسطح الأرض الوعر ولم تهبط برقة على أوراق الشجر كما توهمت.
نادت عشق على مراد بملء صوتها والغصة تزداد اختناقًا وضيقًا حول عنقها، لا زالت تنادي عليه بقهر وهي تنهض واقفة ضامّة ذلك الغطاء الثقيل حول جسدها، وقد بدأت تنهمر دموعها وكأن السعادة أقسمت ألا تزورها إلا لحظاتٍ معدودة.
لمحت ورقة مطوية على لوحة التزيين مدت يدها أخذتها وهي تبكي بحرقة، جلست مجددًا على حافة فراشها وفتحت هذه الورقة، وما أن رأت هذا الخط تأكدت أنه خط مراد، فقرأت:
«زوجتي الغالية وعشقي عشق،
بدايةً إياكِ وظن السوء بي! أنا لم أستغلك كما تأتى لعقلك واحتل فكرك، فقد ذكرتُ إليكِ رأيي الذي لا رجعة فيه، لكن حتى وإن جرت الأمور هكذا دون أي تخطيط، جرت وجذبتنا معها نحو تحقيق السكن الحقيقي بيننا، من المؤكد أنكِ شعرتِ بشعوري الجارف نحوك مثلما شعرت به منكِ، فلو كان الأمر الأمر بالتخطيط ما خططتُ لهذا، لأني بعد كل هذا التقارب لا طاقة لي بأي ابتعاد، لكنها الظروف، انتبهي لحديثي وكفي عن البكاء، فما حدث بيننا هو أروع الأشياء وأجملها، ليتني امتلكتُ مزيدًا من الوقت لأؤكد لكِ ذلك، حاولي التبسّم والسعادة مثلي؛ فقد اقتحمت كل حصونك ووضعت صكي على كل إنشٍ فيكِ، فأنتِ حبيبتي، زوجتي وامرأتي، وستكوني بمشيئة الله أم أبنائي، أشعر أني حين عودتي بعد أن أنال براءتي من أي تهمة منسوبة إلي سأجد خبرًا سارًّا ينتظرني، تحمّلي، اصبري واعتني بنفسك، رجاءً وسأعود في القريب قلبي يحدثني أني موفق، ليتكِ رأيتيني هذا الصباح قبل خروجي ورأيتِ ابتسامتي المختلفة...كوني بخير وثقي بالله، فهو الذي يسبب الأسباب وهو عند حسن ظننا به...
سأشتاق إليكِ حبيبتي،
إلى لقاء قريب يا حبة الروح.»
أنت تقرأ
(سيظل عشقك مرادي) By:Noonazad
Historical Fictionأحبها وهام بها عشقًا، انتظرها وانتظرها... ولما طال الإنتظار أقسم ألا تكون إلا له مهما كان المقابل، ولكن... June 2020: October 2020