(8)

1.8K 95 33
                                    

بقلم نهال عبد الواحد

انصرف مراد تاركًا خلفه فريق من المبهورين بكل تفصيلة منه، متمثلًا في زكريا، نبيلة، ماجدة، وقبلهم جميعًا عشق.

تحدثت نبيلة: بسم الله ما شاء الله! كلامه زي السحر، كلم البت كلمتين، والحمد لله اقتنعت.

أجابها زكريا: جه في وقته، الحمد لله! قعدته ما يتشبعش منها والله! بس حقيقي مفاجأة عظيمة.

قالت ماجدة: بس ما اتصورتش إنه شاب صغير، شكله عن بُعد وسط الناس ولابس الجلابية والعباية مديله أكبر من سنه بكتير.

كانت عشق تستمع لكلماتهم التي تشيد به، لكنها لم تعقب أو تشارك حوارهم، فزيارته، كلماته معها وجلوسه أمامها لا زالت تحت تأثيرها حتى الآن، لا تصدق أنه انتبه لغيابها، افتقدها، بحث عنها حتى وصل إلى عُقر دارها، هل قرأت في عينيه اللهفة والقلق عليها، أم خُيّل إليها؟

ليتني أنتهي من حيرتي، حالي أشبه بحال مركب محمّلة تدور حول نفسها دون مرساة تخفف عليها تلك الأحمال، أحتاجك بشدة يا مراد، لقد ترك أبي فراغًا كبيرًا بين طيات قلبي، لا أراها إلا مزيدًا من المقاعد والأرائك داخل قلبي لك، أخشى بشدة من الوهم والسراب، أخشى أن يكون حبي لك مجرد كرة ثلج سيطلع عليها النهار قريبًا، فتذوب وتصير لا شيء...

هكذا شردت عشق تحدث نفسها، مستندة برأسها على ظهر الأريكة، مشبكة يديها خلف رأسها مغمضة عينيها...

أفاقت من شرودها على صوت خالها: ما قلتيش يعني قبل كده إن فضيلة الشيخ بيدرّسلك في الجامعة!

أجابت عشق: عادي ما جاتش مناسبة.

فتابعت أمها بتعجب: ودي حاجة تتنسي برضو!

- ما افتكرتش بجد.

- يا عمتي هو ده اللي مستغربة منه!
أهدر بها ياسر بحنق، حيث هو الوحيد المتمثل في الفريق المعاكس، الذي كره تواجد هذا المراد بمجرد تجرؤه بالمجئ والسؤال عنها، بل تجرؤه والتطلع لها وهي له، وهي عشقه وحده.

أكمل ياسر بتهكم: طول عمرنا بنشوف العجب معاكِ يا ست عشق، كنتِ تعيي وإنتِ صغيرة ومدرساتك تيجي تزورك، لكن دكتور في الجامعة يجي يزور طالبة في بيتها ويعزيها، جديدة لانج!

تابعت عشق: إنت قصدك إيه!

- لا وكمان خد باله إنك وسط العشرات دول كلهم منقطعة!

- طريقتك مش عجباني ومش قبلاها، كل الحكاية إني كنت بسأله دايمًا بعد المحاضرات.

أومأ باستخفاف، فصاحت فيه أمه: عيب عليك يا ياسر، ده الراجل عينه ما ترفعتش وكان في منتهى الاحترام، فما يصحش كده.

قالت نبيلة: خلاص ماجراش حاجة، ماهو أخوها الكبير وبيطمن على أخته...

ثم أكملت حديثها توجهه إلى ياسر الذي تشنجت ملامحه بمجرد قولة عمته أنهما مجرد أخوين: بس الله يباركلك بالراحة عليها! ما صدقت إنها هتبدأ تفوق.

(سيظل عشقك مرادي)   By:Noonazadحيث تعيش القصص. اكتشف الآن