الفصل الأول

165 2 1
                                    

اللي عايز الحوار باللبناني ينزل لتحت
طعنة العشق (الجزء الثاني لرواية يولاندا الغجرية)
رواية
بقلم بشرى أبو غيدا
السرد والحوار باللغة العربية الفصحى

الفصل الأول

تربت في كنف والدها المحب الحنون، الذي هو كل ما لديها في الوجود، كما أنها  أميرته التي لا يتوانى عن إسعادها، وهب حياته لها، فلم يتزوج بعد وفاة رفيقة دربه ومالكة قلبه، وأقسم أن يكون لطفلته أبا وأما وسندا ، كانت طفلة مدللة عاشت متعلقة بوالدها بدرجة كبيرة، نشأت بجو عائلي محب، لم ينقصها أي عامل من عوامل الإحتواء رغم فقدانها والدتها، ترعرعت وكبرت حتى باتت فتاة فيها من الحسن ما يذيب القلوب، ومن الرشاقة ما يركع أمامها أعتى الرجال، مرحة لأقصى حد ربما تصل إلى الجنون في بعض الأحيان، مليئة بالحيوية والنشاط، أكملت دراستها وتخرجت من أكبر الجامعات في البلاد حتى أصبحت كوالدها مهندسة معمارية بإمتياز، تولت إدارة شركة والدها بعد تخرجها، فهي منذ أول سنة لها في الجامعة لا تتوانى عن معرفة كل أمور العمل وسيرها، حتى باتت ملمة بكل أمور الشركة .

أسرعت ذات يوم  ملبية لنداء الإشتياق الذي يعتمل بداخلها كما والدها، فهي منذ أسبوع لم تره، فقط تحادثه على الهاتف، لكن ذلك لا يكفيها مطلقا، فالغوص بأحضان والدها هي جلّ ما تتمناه وتتوق إليه،
قادت سيارتها بسرعة جنونية، كانت تطلق ضحكاتها المرحة على صديقتيها المرتعبتين اللتين ترافقانها، ولكنهما ليستا الوحيدتين من يتملك الخوف من قلبيهما بسبب تهورها، فقد فزع أيضاً من يتبعونها، وملزمون بإتباع سرعتها خوفا من ان يصيبها هى وصديقاتها أي مكروه .
منى برعب بان على ملامحها وصوتها : تمهلي أيتها المجنونة، خففي السرعة قليلا .
اما هدى صديقتهما التي تجلس في المقعدالخلفي ،(طعنة العشق بقلم بشرى أبو غيدا) ترتجف، تتمتم بأدعية مختلفة، راجية من الله أن يصلوا بسلام، ولكن قدرتها على الإحتمال تلاشت، فصرخت قائلة ".
هدى : سنموت، سنموت، هدأي من السرعة يا شمس ، أرجوكِ.
شمس : كم أنتِ جبانة، سيطري على خوفك قليلا.
هدى : كلمة جبانة أفضل من  كلمة رحمها الله.
أطلقت شمس ومنى ضحكة مجلجلة
هدى : أتضحكان ، كانت لحظة شؤم حين وافقت و ركبت معكما

"  في السيارة الأخرى، هادي يقود بسرعة محاولا مجاراة سيارة شمس في سرعتها والقلق ينهشه، وبجانبه سامي الذي لا يقل عنه توترا، وفي المقعد الخلفي رائد الذي يبتسم بخبث وهو يحاول تخيل مظهر حبيبة قلبه هدى الآن، فهو يعرف مدى خوفها من السرعة".
"تناول هادي هاتفه يريد الإتصال بشمس ، فانتشله سامي منه بسرعة ".
قائلاً : هل ستتحدث في الهاتف وانت تقود بهذه السرعة !
هادي : أريد أن أتصل بتلك المجنونة.
سامي :انا ساتصل.
" قام سامي بالإتصال بهاتف حبيبته منى، التي أجابت وفتحت الإسبيكر كما فعل سامي ".
هادي : شمس أقسم لك إن لم تهدأي من سرعتك سأبلغ والدك بذلك .
شمس : هادي لا تهددني ، أنت تعرف أن تهديدك لا يخيفني أبداً .
هادي : شمس أرجوكِ خففي سرعة السيارة ، إنّ قلبي سيتوقف من الخوف عليكِ.
شمس : أنا على عجلة من أمري ، أريد رؤية روح قلبي أسعد، منذ أسبوع لم أره.
هادي : على هذه الحالة لا أحد  منا سيراه.
سامي : منى هل أنتِ بخير ؟
منى : أيعقل أن أكون بخير وأنا أرافق هذه المتهورة .
رائد : هدهد أريد أن أطمئن عليكِ.
هدى : وهل لك الجرأة في أن تسأل، قلت لك دعني أركب معكم، فلم توافق ، كلكم تعرفون كيف تقود هذه المستهترة .
"إتسعت إبتسامته"
رائد : قوِّ  قلبك يا حبيبتي، لا تكوني جبانة.
هدى : لا أنت لست بطبيعي أبداً ، ألا تخاف عليّ؟ أهناك إمرأة أخرى تعجبك وتريد أن تتخلص مني؟
"رفع رائد حاجبه الأيمن بإستنكار، إذ لم يعجبه حديثها".
رائد : أنا لن أردّ عليكِ.
"هادي بعصبية بالغة".
هادي : أهذا وقت هراءك أنت وهي، شمس أستحلفك بحياة أسعد خففي سرعتك.
"لاحت إبتسامة سعادة على ثغر شمس وبدأت بالإقلال من سرعتها تدريجياً
شمس : إستحلفتني بأغلى من في حياتي .
"تنهد هادي بإرتياح لدى سماعه كلماتها، وأغلق سامي الخط بعد إطمئنانهم عليهن".
هدى :اشكر الله انه أقسم عليك بحياة العم أسعد، سامحكِ الله قطعتِ نسلي من شدة الرعب .
شمس : هههههه.
"وصلت إلى مشارف بلدتها الرائعة الجمال، سهول ممتدة على مد  البصر، تتلألأ بألوانها المختلفة، تنظر حولها بحب، فهي تعشق هذه البلدة بكل ما فيها، تنتظر نهاية الأسبوع بفارغ الصبر حتى تأتي إليها لتنعم بهدوءها، بعيدا عن ضوضاء المدينة وصخبها، تستنشق هواءها العليل، تستمع لزقزقة العصافير المتناغمة في الصباح، تمارس رياضتها المفضلة ألا وهي ركوب الخيل".
" قبل دخولها باب المزرعة أوقفت سيارتها بسرعة بعد أن رأت رجلين يمتطيان جوادين ويعدوان بسرعة كبيرة".
منى : ماذا بك يا شمس ؟ لم توقفتِ هكذا فجأة ؟
شمس : من هذين الرجلين ؟  هذان الحصانان ملك لنا ،أيعقل أن أبي وظفهما مؤخرا في المزرعة!
منى : عندما نصل ستعرفين.
" إنطلقت بسيارتها، (طعنة العشق بقلم بشرى أبو غيدا) وقد إتسعت الإبتسامة على ثغرها فقد حان موعد اللقاء ، أوقفت سيارتها وأسرعت راكضة إلى داخل الفيلا، فقلبها مشتاق لمُدَلِّلِها وفخرها وسندها في الحياة، توقفت سيارة الشباب خلف سيارة شمس ، التي نزلت منها منى اولا وتوقفت تنتظر حبيبها، أما هدى ترجّلت من السيارة وقدماها لم تعدا تقويان على حملها من شدة الإرتجاف، ترجّل الشباب من السيارة وتقدموا نحو الفتاتان اللتان إختلفت نظراتهما للنقيض، واحدة إتسعت إبتسامتها مرحبة لرؤية مهجة الفؤاد، والأخرى نظرة غاضبة لائمة وجهتها لمن يخفي إبتسامته مدعيا الجدية والوقار، واضعا يديه في جيبيه بلا مبالاة ".
رائد : الحمدلله على السلامة، هل أنتِ بخير يا هدى؟
هدى بغضب : ولا كلمة، كي لا أصبّ غضبي عليك .
منى : ما مررنا به من جنون يحتاج قول الحمدلله على السلامة فقط
هادي : أين ش.......
" لم يكمل كلامه، فقد ألجمته صرخة مدوية هزت أرجاء المزرعة بأكملها، خرجت من حنجرة معشوقته".
شمس : لااااااااااااااااا، أبيييييي.
"نظروا لبعضهم بوجل، أحال الخوف وجوههم للون الأسود، كأنما توقفت قلوبهم عن الخفقان ، لم ينتظر لحظة واحدة، فصوت حبيبة قلبه ينمّ عن ألم كبير قاتل،هرول هادي إلى الداخل بسرعة البرق وتبعه رفاقه، فهم ليسوا بأقل منه قلقا عليها، أوقفهم مشهد صاعق، توقفت العقول عن العمل وأقدامهم تسمرت في أماكنها، جثة ملقاة على الأرض تعود لمدير القصر الأمين إبراهيم ،إستمعوا لبكاء صادر من جهة المكتب أسرعوا ليجدوا جثة
أخرى تقبع بين أحضان شمس التي تصرخ بشكل هستيري، تشدد من إحتضانها، إنها جثة والدها أسعد الذي ترجوه النهوض من غيبوبته  التي أغرق فيها ظلما وعدوانا ولكن تلك الغيبوبة لم تكن سوى موتا محققا ".
شمس: قم، أنت لا يمكن أن تموت، انت وعدتني أن تبقى بجانبي طول العمر، أنت لم تخلف وعدك يوماً ، أبي قم ، أنا أتيت ، لقد إشتقت إليك كما إشتقت لي ، إنهض أرجوك من أجلي .
" نظرت ليديها الملطخة بدماء والدها الحبيب، فكاد عقلها يجن إحتضنها هادي برفق ، نظرت إليه صارخة بجنون ".
شمس : دماء، دماء يا هادي، أبي ينزف، هيا بنا نأخده إلى المستشفى ، بسرعة يا هادي، إنه ينزف بشدة سيموت ، وانا لا أستطيع العيش بدونه ، لقد وعدني أن يبقى بجانبي ، منذ أن كنت صغيرة وهو كل شيء في حياتي، لم أشبع منه بعد ، لن أسمح له بتركي ، لكن لا ..  هو لن يفعل ذلك ، أبي يصدق بكلامه، أبي يحبني ولن يتخلى عني "أمسكت شمس  بياقة هادي صارخة : هادي ماذا تنتظر ؟ سيموت، بسرعة أرجوك ".
" أمسك يديها ودموعه تنساب قهرا على حبيبة قلبه وروحه، وعلى من كان أبا روحيا له ".
هادي : شمس إهدأي
شمس : هل انتهى الأمر؟ هل مات قبل أن يحتضنني؟
" تنظر لوالدها ودموعها كسيل لا ينقطع، ثم أعادت النظر إلى هادي، وأخذت تضربه على صدره".
شمس بعصبية وصراخ : أنت السبب، أنت السبب، كنت وصلت قبل الآن بوقت طويل ، كنت سأفرح قلبه برؤيتي ، كنت سأحتضنه ويحتضنني .
" تعالت شهقاتها مرافقة لآهات متألمة تخرج من أعماقها".

طعنة العشق حيث تعيش القصص. اكتشف الآن