الفصل العشرون

1.6K 122 25
                                    

بِلَا نَسَبْ -الفصل العشرون

لم يأتي جعفر ذلك الْيَوْم، ولَم يعد هيثم للبيت تلك الليلة أيضا، الفراغ كان يسيطر على ذلك الْيَوْم.

في الْيَوْم التالي، ذهبت متأخرًا للثانوية، ولكنني لحقت على الدرس، وبعد مرور اكثر من نصف ساعة، انفتح باب القاعة ودخل جعفر، احسست ان جزءا من روحي رجع الي، ولكن فرحتي لم تكتمل، اذ ان الشخص الذي تقدم بهدوء نحو الطاولة وجلس بجواري كان فقط شبحا لجعفر.

رغم محاولته الفاشلة في الابتسام، استطعت رؤية كم هو مجهد ومنهك جسديا ونفسيا، شعره الفاتح اللون المخلوط بالذهبي لم يكن مصففا، وكأنه بقي يمرر يديه عليه من كثرة التوتر، أو انه نفشه من الغضب، السواد تحت عينيه يوحي بانه لم يغمض له جفن، ولونه الشاحب، حتى انه كان يرتدي نفس ملابس اول أمس.

لم استطع ان أكلمه، الاستاذ كان يبذل ما في وسعه لشرح الدرس، وجعفر وضع رأسه على الطاولة ونام من شدة تعبه.

مرت الساعة الاولى والثانية، ودق جرس الفسحة عندما قاربت الساعة العاشرة صباحا وخرج معظم من في القسم، وجعفر استيقض مفزوعًا من صوت الجرس، لكنني طمأنته وقلت له ان بامكانه النوم لكنه رفض، وطلب مني ان نهرب من الثانوية...نهرب! اول مرة يطلب فيها جعفر طلبًا كهذا في أوقات مهمة من الدراسة، ولبيته له.

اخذنا محفظتينا وهربنا من الباب العلوي، وتوجهنا نحو منزل جعفر، والمفاجأة انه لم يكن هناك احد في البيت من العائلة.

-"اين والدتك واخواتك والاخرون؟" سألت بتعجب وانا اجلس على الصوفة.

-"غادرنا جميعًا اول أمس في الليل" قال جعفر وهو يستلقي جنبي على الصوفة ويضع ساقيه فوق مائدة القهوة الزجاجية.

-"اين غادرتم؟" سألت بفضول

-"عدنا لبيت جدي، جدتي ساءت حالتها" قال جعفر بهدوء وتنهد

-"هل هي بخير الان؟" سألت باهتمام، جدة جعفر سيدة رائعة، محبوبة ومحبة، وتهتم بالجميع، حتى بي انا.

-"نعم والحمد لله" همس

-"لكن؟" قلت بانتظار التكملة

-"ماسيليا ساءت حالتها" قال ثم وضع ذراعه على وجهه وهو يستلقي للخلف.

-"لماذا عدت؟" سألته بغضب، ماسيليا خطيبته المحبوبة

-"هم بحاجة لوجودك هناك" اكملت بحدة

-"اوصلتها معهم للمطار هذا الصباح باكرًا، لقد أرسلناها عند عمي إسكندر، تقرر تقديم موعد عمليتها، ربما ستدخل معنا الجامعة وندرس كلنا معًا" اكمل بابتسامة سعيدة

بِلَا نَسَبْحيث تعيش القصص. اكتشف الآن