بِلَا نَسَبْ -الفصل التاسع والعشرون
أبي.
نظرت اليه بهدوء، لكن برأسي كان هنالك إعصار من الأفكار المتشتتة والمبعثرة التي لم استطع ترتيبها، هناك جزء مهم فارغ في رأسي، وكأن شيئا مهما حدث ونسيته، لكنني تجاهلت كل شئ بسبب الخدر الذي كنت احس به في رأسي وجسدي، كنت فقط اريد المشي والعيش كروبوت، آلي بشري، لذلك، بقيت انظر اليه بهدوء مدركا ان حتى وجهي كان يعاني من الخدر لأنني لم أكن اظهر اي تعبير، كل ما أحسه هو الفراغ...أفضل من ان احس بشئ آخر.
-"حيدر!" أعاد اسمي بعينان متسعتان من الدهشة، ورأيت بعض الأمل الدفين يطفو على سطحهما عندما ابتسم بتعب ولكن ابتسامة صريحة واقترب مني.
ملمس يده على خدي وهو ينظر لي وكأنني حلم، شعور يده على شعري يتلمس أطرافه وكأنه يتحقق بأنني حقا موجود، كان يبعث بداخلي بعض الأمان...الأمان؟ هل كنت افتقد الامان؟
-"لا ادري ان كان الله استجاب لدعواتنا ام انها سخرية القدر، لكن الحمد لله" قال ابي بعد ان ابعد يده وأخذ خطوة للوراء.
نظرت اليه بدون ان أتكلم، بقينا هكذا لمدة، الى ان تنهد ابي تنهيدة من أعماقه.
-"اسمع يا حيدر، قد لا يحق لي طلب ذلك أبدا، لكن في الأخير، القرار لك وحدك" قال بهدوء وهو ينظر لي بذنب
لم أتكلم أبدًا، أردت فقط ان اعرف وافهم ماذا يحدث.
-"تعال" قال بهدوء وبدأ بالمشي عائدًا نحو الاستقبال.
مشينا الى ان وصلنا جهة مكاتب الأطباء، بعدها، توقف امام باب مكتب ودق الباب مرتين ثم فتح الباب عندما سمع الجواب من الداخل.
دخلت خلفه بهدوء، كان هناك رجل يبدو في نهاية الثلاثين من عمره بمئزره الأبيض النقي يجلس خلف مكتبه، ملامحه تبدو هادئة، شعره كان مصففا بطريقة جميلة، ووجهه كان محلوقا بشكل نظيف جدا، كان شخصا انيقًا يعطيك شعورا بالراحة، اقل ما يقال عن طبيب.
كان منشغلا بالكتابة على أوراق تبدوا مهمة ولكنه رفع نظره بسرعة نحو والدي وابتسم وأعاد نظره للأوراق.
-"أوه! هذا انت؟ تفضل أرجوك" قال لوالدي وهو يدعوه للجلوس.
-"لم آتي وحدي هذه المرة" قال والدي وهو يقف امام المكتب ولم يجلس.
توقف الطبيب عن الكتابة فجأة وارتفع نظره بهدوء نحو والدي، قم لمحني ورأيت كيف ان عيناه توسعتا واستقام فجأة من كرسيه الذي وقع على الارض، كان الرجل في مثل طولي تقريبا، والتقت اعيننا وبقي يحدق بي وكأنه رأى شبحًا.
أنت تقرأ
بِلَا نَسَبْ
General Fiction-"انت لست ابني ولا أنا أمك! أنا أتبرأ منك" -" انت لست ابنتي، أتبرأ منك" هذه امثله عن ما دفع بعض الأفراد وخاصة شباب انهم يمشون على الارض بلا هدف، وأكثرهم ساقه للجنون أو الانحراف، هؤلاء الذين مااختاروا ان يولدوا ولا ان يكون لهم وجود، فمنهم من محاه للأ...