الفصل الثلاثون

1.8K 139 91
                                    

بِلَا نَسَبْ -الفصل الثلاثون

-"ألا تريد الأكل من هذا الزيتون؟"

-"جعفر! بطني يكاد ينفجر من كل الأكل الذي تدفعه لفمي!" قلت بضحك وأنا استلقي للخلف.

التلة الخضراء، العصافير التي تأكل من القمح الذي وزعه جعفر على الأرض والماء الذي وضعه في قدح واسع لها.

-"بماذا تفكر؟" سأل جعفر وهو يمسك كأسًا من الماء ويدفعه نحوي بهدوء.

-"لا شئ، لا أريد أن أفكر، المكان هنا جميل جدا، اريد ان نبقى هنا للأبد" قلت وأنا اعدل وضعي للجلوس.

-"إشرب هذا الان، سنعود هنا فيما بعد لنبقى متى ما شئت" قال وهو يمد كأس الماء لي.

-"لا أشعر بالعطش" قلت بحاجبان مقطبين

-"أنت تحتاج الماء لكنك لا تعلم ذلك، أتساءل كيف ستعيش من دوني؟" قال بابتسامة منكسرة

-"سأتبعك أينما تذهب، لا اريد ان نفترق، أنت كل العائلة التي أحتاجها وبقيت لي" قلت بابتسامة ورأيت نظرته تتغير للجدية وهو ينظر لشئ خلفي

-"أنه غروب الشمس، حان الوقت لأن تفتح عيناك حيدر، سأنتظرك هنا مهما كلّف الأمر، إياك ان لا تأتي" قال بنبرة جادة جدا وهو يأخذ كأس الماء من يدي.

استدرت بتفاجؤ ورأيت أجمل غروب شمس، لكن ما إن اختفت الشمس، غاب كل النور عن الوجود وانغمست في ظلام حالك.

استيقضت حواسي قبلي، وكان شيئا غريبا جدا ما احسست به، أذناي لم تصلهما أصوات الفوضى التي اعتدت عليها، أنفي لم تصله تلك الرائحة النتنة التي تحيطنا وكأننا كومة من حثالى متجمعون في مجموعة عند مكب الأوساخ، وعندما مددت يدي، لم تلمس الكرتون الذي نفترشه، حتى ان ملمس الغطاء كان مختلفًا.

حاولت فتح عيناي بصعوبة، حاولت التحرك لكن بدون فائدة، تفحصت بيدي حول الارجاء، الغطاء ناعم ودافئ، انا انام على سرير لأن له حواف وهو مرتفع عن الارض، تحسست حول الغطاء مجددا وأحسست بيد شخص على السرير، لقد كانت اليد ساكنة، تحركت يدي قليلًا واحسست بملمس ناعم، لقد كان شعر إنسان، لابد ان شخصا ما يضع رأسه على السرير.

أمسكت الشعر بضعف وشددته قليلًا وأحسست بحركة الشخص، واختفى الملمس ولم تعد يدي تحس بوجود الشخص.

لم يدم الهدوء طويلًا حتى سمعت صوتًا رجوليا عميقًا.

-"هل تسمعني؟ هل انت مستيقظ؟" سأل الشخص بسرعة

بِلَا نَسَبْحيث تعيش القصص. اكتشف الآن